في عالم المال والأعمال حيث تحكم الأرقام والحسابات الدقيقة، برزت شخصية كسرت كل قواعد النجاح التقليدية وأثارت الدهشة: تيموثي ديكستر، الرجل الذي دخل التاريخ كأغبى وأغرب رائد أعمال، وأكثرهم حظًا بطريقة لا يصدقها العقل.
وُلد عام 1747 في أسرة فقيرة، محرومًا من التعليم، وعمل منذ طفولته الصغيرة، حتى بدأ مهنته كمتدرب في الدباغة وافتتح ورشته الخاصة. لكن نقطة التحول الكبرى كانت زواجه من الأرملة الثرية إليزابيث فروثينغهام، التي تفصله عنها تسع سنوات، ما أتاح له فرصة مالية هائلة.
بدلاً من الحفاظ على ثروة زوجته، قام تيموثي بما يعتبره أي خبير مالي مخاطرة انتحارية: اشترى الدولارات القارية عديمة القيمة تقريبًا، الصادرة خلال الثورة الأمريكية دون أي غطاء مالي. ومع انهيار قيمتها، يبدو أنه اقتنى إفلاسًا كاملًا، لكنه كان محظوظًا بشكل مذهل؛ فبعد استقرار الدولة، تم استبدال هذه الأوراق بسندات حكومية بنسبة 100 إلى 1، ليصبح ديكستر من أثرى أغنياء عصره بين ليلة وضحاها.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد دخل عالم التجارة الدولية بصفقات تبدو ساذجة لكنها كانت مربحة: أرسل شحنات من دفايات الأسرّة إلى جزر الكاريبي، ووجد سوقًا لها رغم الحرارة الشديدة، ثم باع قفازات وحيوانات محلية، محققًا أرباحًا إضافية غير متوقعة.
وبينما نما ثروته، نصب نفسه “لوردا” وامتلك كلبًا نادرًا، وأربعين تمثالًا لشخصيات عظيمة، بما في ذلك تمثال لنفسه، مؤكدًا غروره الفريد. حتى كتابه الغريب “هراء للحكماء” كان إعلانًا صريحًا أن الحكمة التقليدية لا تعني شيئًا أمام حظه الطيب.
حتى المناصب الحكومية لم تمنعه من الاستمرار في غرابة حياته، فقد عُين “حارس غزلان” في منطقة لم يعد فيها أي غزال منذ عشرين عامًا!
توفي تيموثي ديكستر عام 1806، مخلفًا ثروة ضخمة بين أبنائه وزوجته، وقصة حياته تبدو أشبه بالخيال: أحمق محظوظ أم رجل فهم قواعد اللعبة بعمق من منظور مختلف؟ رحلة ديكستر تذكرنا أن أحيانًا النجاح لا يُقاس بالذكاء التقليدي، بل بالقدرة على قراءة الزمن والفرص بطريقة فريدة.