44

تُجسّد الأزياء الراقية قمة الحرفية والإبداع في عالم الموضة، حيث تُنفّذ كل قطعة يدوياً وفق رؤية المصمّمين الفريدة، مما يجعلها فناً نادراً لا يُضاهى. وتعدّ باريس المركز العالمي لهذا الفن الراقي، إذ تستقطب عروض أسبوع الأزياء الراقية نخبة من المشاهير والعملاء الذين يسافرون خصيصاً لاكتشاف أحدث إبداعات دور الأزياء العالمية.

معايير التميز في الأزياء الراقية
لا يُمنح تصنيف “الأزياء الراقية” إلا لدور الأزياء المعتمدة من “غرفة صناعة الأزياء الراقية” (Chambre Syndicale de la Haute Couture)، والتي يتوجّب عليها امتلاك ورشة عمل مخصّصة لا يقل عدد العاملين فيها عن 15 موظفاً بدوام كامل، إلى جانب تقديم ما لا يقل عن 35 قطعة يتم تنفيذها يدوياً خلال موسمي الربيع والصيف والخريف والشتاء.

هذا العام، وبعد أسبوع حافل بعروض الموضة الرجالية، شهدت باريس عروضاً خلابة لأزياء ربيع وصيف 2025 من توقيع كبرى دور الأزياء العالمية مثل ديور، شانيل، شيافاريللي، أرماني بريفه، وفالنتينو.

تصاميم تجمع بين الكلاسيكية والابتكار
تميزت عروض الموسم بتنوّع القصّات التي جمعت بين الجرأة والفخامة. فمن التصاميم الهندسية التي أضافت أبعاداً غير متوقعة، إلى القصّات الانسيابية التي تعكس الأنوثة والرقي، أظهرت الأزياء الراقية لموسم ربيع وصيف 2025 توجهاً فنياً يجمع بين الإرث الكلاسيكي والرؤية المستقبلي.

قدّمت دار ديور تصاميم ركزت على الأكمام الكبيرة والفخمة، بينما جسّدت شيافاريللي مفهوم الجرأة من خلال قصّات تجريدية تدمج بين الهندسة العصرية والتفاصيل الدقيقة، ما جعل الفساتين تبدو وكأنها منحوتات حية تتأرجح بين الحركة والثبات.

الأقمشة: فخامة لا تضاهى
شكّلت الأقمشة الفاخرة جزءاً أساسياً من هوية الموسم، حيث تميّزت التصاميم باستخدام خامات مثل الحرير، التول، الدانتيل، والأقمشة المعدنية التي أضفت لمسات من الأناقة الراقية.

برزت الأقمشة الميتاليكية كالذهب والفضة، والتي تم دمجها مع تطريزات دقيقة وتفاصيل من المجوهرات، ما عزّز من فخامة الإطلالات. أما دار شانيل فقدّمت أقمشة ثقيلة منسقة مع ألوان الباستيل الكلاسيكية، مما أضفى توازناً رائعاً بين التقليدي والمعاصر.

اتجاهات جديدة وغير تقليدية
ككل موسم، قدّمت عروض الأزياء الراقية في باريس مزيجاً من الصيحات الجريئة وغير المألوفة، إلى جانب العودة إلى التصاميم الكلاسيكية التي تؤكد على براعة الحِرفيين. في مجموعة شانيل، برزت الفساتين ذات الخطوط النظيفة والقصّات المتوازنة، مما يعكس عودة إلى أسس الأناقة الراقية التي تعتمد على البساطة وجودة التنفيذ.

المصمّمون العرب: بصمة إبداعية متجددة في عالم الأزياء الراقية
لم يعد أسبوع الموضة في باريس حكراً على دور الأزياء الأوروبية، فقد استطاع لمصمّمون العرب ترسيخ وجودهم في هذا الحدث العالمي، حيث باتت تصاميمهم خياراً أساسياً للنجمات على السجادة الحمراء في مهرجانات الأوسكار وكانوغيرها من الفعاليات العالمية.

مزج بين الحداثة والتراث
يتميّز المصمّمون العرب بقدرتهم على الجمع بين الإبداع العصري والتقاليد الشرقية، حيث تتجلى عناصر التراث في الأقمشة الفاخرة، التطريزات اليدوية، والزخارف المستوحاة من الثقافة العربية، مما يمنح تصاميمهم بُعداً تاريخياً يضيف إلى فخامتها.

إبداع متجدد كل موسم
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققه المصمّمون العرب، إلا أنهم يسعون في كل موسم إلى تقديم ابتكارات جديدة، من خلال التقنيات الحديثة، القصّات الجريئة، والتلاعب بالألوان والخامات، ما يعكس تطور الأزياء الراقية بشكل مستمر.

باريس… عاصمة الأناقة الدائمة
تؤكد عروض الأزياء الراقية لموسم ربيع وصيف 2025 أن باريس لا تزال عاصمة الموضة بلا منازع، حيث يلتقي فيها الإبداع مع التراث، لتقديم عروض خلابة تجمع بين التقاليد والابتكار. وبينما يواصل المصمّمون العالميون تقديم رؤى جديدة، يحافظ المصمّمون العرب على بصمتهم المميزة، ما يجعل الأزياء الراقية لغة عالمية تتحدث عن تطور الفن والحرفية في عالم الموضة.

البحث