تناول الطعام بسرعة

أكدت دراسة ألمانية حديثة أهمية مواءمة توقيت استهلاك السعرات الحرارية مع الساعة البيولوجية للجسم، بهدف تحسين التمثيل الغذائي وتقليل احتمالات الإصابة بداء السكري من النوع الثاني والسمنة.

وبحسب ما نقله موقع New Atlas عن دورية eBioMedicine، لا تزال العلاقة بين مواعيد تناول الطعام والإيقاع اليومي للجسم قيد الدراسة، وخصوصًا فيما يتعلق بوظائف الأيض وحساسية الأنسولين. وقد أجرى البحث علماء من المركز الألماني لأبحاث السكري (DZD)، حيث ركزوا على فهم تأثير توقيت الأكل مقارنةً بالساعة البيولوجية الداخلية، ومدى تأثر هذه العلاقة بالعوامل الوراثية.

تفاصيل الدراسة:
شارك في الدراسة 46 زوجًا من التوائم، سواء متطابقين أو غير متطابقين. استخدم الباحثون أجهزة لقياس النوم والنشاط البدني على مدار 14 يومًا، كما طلبوا من المشاركين الاحتفاظ بمذكرات طعام دقيقة لمدة 5 أيام، تتضمن مواعيد وأحجام وأنواع كل وجبة أو وجبة خفيفة.

تم تحليل ما يُعرف بـ”نقطة منتصف السعرات الحرارية اليومية” (CCM) — أي الوقت الذي يستهلك فيه الفرد 50% من سعراته الحرارية — ومقارنته بتوقيت الساعة البيولوجية لكل مشارك، لتحديد مدى اتساق عادات الأكل مع الإيقاع الطبيعي للجسم. كما أجريت اختبارات دقيقة لقياس حساسية ومقاومة الأنسولين.

النتائج:
أوضحت الدكتورة أولغا راميش، قائدة الدراسة ورئيسة قسم الأيض الجزيئي والتغذية الدقيقة في معهد التغذية البشرية الألماني، أن توقيت تناول الطعام لا يزال عاملًا غير مدروس بما يكفي فيما يخص تأثيره على أيض الجلوكوز وخطر الإصابة بالسكري.

وأشارت إلى أن النوم هو مؤشر أساسي لتحديد نقطة منتصف السعرات الحرارية اليومية. فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص ينام بين الساعة 11 مساءً و7 صباحًا، فإن منتصف نومه يكون الساعة 3 صباحًا، ما يعني أن الوقت الأمثل لاستهلاك نصف السعرات اليومية هو بين الساعة 11 صباحًا و1 ظهرًا. وعندما يتم استهلاك غالبية السعرات بعد هذا التوقيت، يُعتبر الشخص “متأخرًا في الأكل” نسبةً لتوقيته البيولوجي.

وقد بيّنت النتائج أن الأشخاص الذين تناولوا الجزء الأكبر من سعراتهم في وقت مبكر من اليوم تمتعوا بحساسية أنسولين أعلى، بينما أظهر الذين تناولوا طعامهم لاحقًا انخفاضًا في هذه الحساسية، ما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

الوراثة وتأثيرها:
بمقارنة التوائم المتطابقين وغير المتطابقين، لاحظ الباحثون أن هناك مكونًا وراثيًا معتدلًا في تحديد كل من توقيت الأكل والنمط الزمني للنوم والاستيقاظ، إذ أظهر التوائم المتطابقون تشابهًا أكبر في عاداتهم الغذائية ونمطهم الزمني.

التوصيات:
يعتقد الباحثون أن تنظيم توقيت الوجبات بما يتماشى مع الساعة البيولوجية قد يكون أكثر فعالية من أنظمة الصيام التقليدية. فبدلًا من تحديد إطار زمني صارم للأكل، يُنصح بتوجيه استهلاك الطاقة إلى “الصباح البيولوجي” للفرد، أي الساعات الأولى من بداية يومه وفقًا لإيقاعه الداخلي.

ولتحديد هذا الإيقاع الزمني، يمكن للشخص تتبع نومه لأيام متتالية دون الالتزامات الاجتماعية أو استخدام استبيانات متخصصة مثل استبيان ميونيخ للنمط الزمني (MCTQ)، أو من خلال أجهزة تتبع النوم القابلة للارتداء.

في النهاية، تشير الدراسة إلى أن فهم توقيت الجسم الداخلي يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في الوقاية من اضطرابات التمثيل الغذائي وتحسين الصحة العامة.

البحث