Eight views of the sun's south pole obtained on March 16–17, 2025, by the Solar Orbiter spacecraft’s the Polarimetric and Helioseismic Imager (PHI), the Extreme Ultraviolet Imager (EUI) and Spectral Imaging of the Coronal Environment (SPICE) instruments, are seen in this image released by the European Space Agency on June 11, 2025. ESA & NASA/Solar Orbiter/PHI, EUI & SPICE Teams/Handout via REUTERS THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. MANDATORY CREDIT.

في إنجاز علمي غير مسبوق، أرسلت مركبة “سولار أوروبيتر” الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية أول فيديو وصور على الإطلاق للقطب الجنوبي للشمس. هذه اللقطات التاريخية ستمكن العلماء من فهم كيفية تعاقب الشمس بين فترات العواصف الهائجة والهدوء. هذا الفهم بالغ الأهمية لأن النشاط الشمسي المكثف يمكن أن يؤثر سلبًا على اتصالات الأقمار الاصطناعية ويعطل شبكات الكهرباء على الأرض.

نظرة غير مسبوقة إلى قلب الشمس: الغلاف الجوي والظواهر المغناطيسية
تظهر الصور الجديدة غلافًا جويًا شمسيًا ساطعًا ومتلألئًا تصل درجات حرارته في بعض أجزائه إلى مليون درجة مئوية، تتخللها سحب غازية داكنة، ورغم أنها أكثر برودة بكثير، إلا أن حرارتها لا تزال حارقة تصل إلى مائة ألف درجة. قالت البروفسورة كارول مونديل، مديرة العلوم في وكالة الفضاء الأوروبية: “تُعد هذه الصور الأقرب والأكثر تفصيلاً على الإطلاق للشمس، وستساعد العلماء على فهم آلية عمل هذا الكوكب الذي يمنح الأرض الحياة.” وأضافت: “اليوم نكشف عن أول صور التقطتها البشرية لقطب الشمس.”

الشمس هي أقرب كوكب إلينا ومصدر الحياة، لكنها قد تسبب اضطرابًا في أنظمة الطاقة الفضائية والأرضية الحديثة، لذا فإن فهم آلية عملها والتنبؤ بسلوكها أمر ضروري. من الأرض، تبدو الشمس كقرص بلا ملامح بسبب شدة سطوعها. ولكن بترددات مختلفة، يستطيع العلماء رؤيتها في شكلها الحقيقي: كرة سائلة ديناميكية تتلوى مجالاتها المغناطيسية على سطحها، مسببة توهجات وحلقات غازية في غلافها الجوي. هذه المجالات المغناطيسية هي التي تحدد متى تثور الشمس وتطلق جسيمات نحو الأرض. يعلم العلماء أن الشمس تمر بفترة هدوء تكون فيها المجالات المغناطيسية منتظمة وتمتلك قطبًا مغناطيسيًا شماليًا وجنوبيًا ثابتًا، مما يحد من الانفجارات العنيفة. لكن هذه المجالات تصبح معقدة وفوضوية مع إعادة توجيهها وانقلاب القطبين الشمالي والجنوبي كل 11 عامًا تقريبًا.

العواصف الشمسية والتنبؤ بالطقس الفضائي: قطعة اللغز المفقودة
خلال فترات النشاط الشمسي العنيف، تحاول الشمس تفريغ طاقتها الزائدة، فتندفع موجات من الجسيمات المشحونة نحو الفضاء، بعضها يصطدم بكوكب الأرض. تُعرف هذه الظاهرة بالعواصف الشمسية، التي يمكن أن تسبب أضرارًا لشبكات الاتصالات والأقمار الاصطناعية، وقد تؤثر أيضًا على شبكات الكهرباء. ورغم آثارها السلبية، فإن لهذه العواصف جانبًا جماليًا إذ تؤدي إلى ظهور الشفق القطبي بألوانه الساحرة في سماء المناطق القريبة من القطبين.

أوضحت الأستاذة لوسي غرين من جامعة كوليدج لندن لـ”بي بي سي” أنه كان من الصعب التنبؤ بهذا النشاط باستخدام النماذج الحاسوبية للشمس نظرًا لعدم وجود بيانات حول هجرة المجالات المغناطيسية نحو القطبين. لكن هذا قد تغير الآن. وأضافت: “لدينا الآن القطعة المفقودة من اللغز.” وقالت: “لطالما كان انعكاس المجالات المغناطيسية القطبية على الشمس أحد أهم الأسئلة المفتوحة في العلوم، وما سنتمكن من فعله باستخدام سولار أوروبيتر هو قياس تدفقات السوائل المهمة للغاية التي تجذب أجزاء من المجال المغناطيسي عبر الشمس وتنقلها إلى المناطق القطبية، لأول مرة.”

يتمثل الهدف النهائي في تطوير نماذج حاسوبية للشمس بحيث يمكن التنبؤ بما يسمى بالطقس الفضائي. ستمكن التنبؤات الدقيقة مشغلي الأقمار الاصطناعية وشركات توزيع الطاقة بالإضافة إلى مراقبي الشفق القطبي من التخطيط بشكل أفضل للعواصف الشمسية الشديدة. أشار البروفسور كريستوفر أوين، المتخصص في دراسات العواصف الشمسية باستخدام بيانات المركبة الفضائية: “هذا هو جوهر فيزياء الشمس. ستمكننا مركبة سولار أوروبيتر من فهم بعض أساسيات علوم الطقس الفضائي. ولكن لا يزال هناك المزيد من العمل قبل أن نصل إلى النقطة التي نرى فيها إشارات على الشمس يمكننا الاعتماد عليها للتنبؤ بالانفجارات البركانية التي قد تضرب الأرض.”

قياسات جديدة تكشف سر رياح الشمس
كما التقطت مركبة “سولار أوروبيتر” صورًا جديدة للعناصر الكيميائية في طبقات مختلفة من الشمس وحركتها. التقطت هذه الصور باستخدام جهاز يسمى SPICE يقيس ترددات الضوء المحددة، التي تسمى “الخطوط الطيفية”، والتي ترسلها عناصر كيميائية محددة مثل الهيدروجين والكربون والأكسجين والنيون والمغنيسيوم عند درجات حرارة محددة. ولأول مرة، تتبع فريق SPICE الخطوط الطيفية لقياس سرعة تحرك كتل المواد الشمسية. يمكن لهذه القياسات أن تكشف كيف يتم قذف الجسيمات من الشمس في شكل رياح شمسية.

البحث