لا تزال التحقيقات القضائية في لبنان مستمرة مع محمد صالح، المنشد الديني المعروف بقربه من “حزب الله”، والذي يواجه اتهامات خطيرة بالتخابر مع إسرائيل.
وأكدت مصادر قضائية لموقع “العربية.نت/الحدث.نت” أن التحقيقات مع صالح لا تزال جارية، وتتركز حالياً على تحليل الأجهزة الإلكترونية التي كانت بحوزته، وذلك لمقاطعة البيانات المستخرجة مع معلومات أمنية أخرى، في عملية فنية معقدة تحتاج إلى وقت إضافي.
تعاون مع الموساد ومعلومات حساسة
وأوضحت المصادر أن التحقيقات الأولية كشفت عن تورط صالح بعمق في التعاون مع جهاز “الموساد” الإسرائيلي، مشيرة إلى أنه تلقى مبالغ مالية ضخمة، بعضها بعملة “البيتكوين”، مقابل تزويد الجانب الإسرائيلي بمعلومات حساسة جداً عن قيادات في “حزب الله”، أماكن تواجدهم، مواقع عسكرية وخطط عملياتية في جنوب لبنان.
شبكة من الموقوفين
كما كشفت المصادر أن قضية صالح ليست الوحيدة على طاولة القضاء اللبناني، حيث يوجد عشرات الموقوفين الآخرين بتهمة التعامل مع إسرائيل. وأكدت أن هؤلاء لم يُجنّدوا ضمن شبكة واحدة، بل تم استقطاب كل منهم بشكل فردي.
دافع مادي واختراق للبيئة
من جهته، أرجع الكاتب السياسي مجيد مطر في حديثه لـ”العربية.نت/الحدث.نت” تفشي حالات العمالة في بيئة “حزب الله” إلى الأسباب المالية، موضحاً أن الحزب لم يعد يضخ الأموال كما كان في السابق، خصوصاً بعد حرب يوليو 2006.
وقال مطر إن الحزب كان في السابق يُخضع المنتسبين إليه لمسار عقائدي وفكري صارم، خاصة فيما يخص العداء لإسرائيل، لكن بعد اغتيال رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان، اضطُر الحزب إلى توسيع صفوفه بشكل عشوائي نتيجة تغير الظروف السياسية والطائفية، مما أتاح لإسرائيل فرصاً لاختراق صفوفه.
وأضاف أن مشاركة الحزب في الحرب السورية زادت من انكشافه الأمني أمام إسرائيل، وهو ما انعكس في الضربات التي تلقاها، لا سيما في صفوف قادته.
مراقبة الاتصالات منذ 2008
وأشار مطر إلى أن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بدأ منذ عام 2008 بمراقبة داتا الاتصالات، وتوصل إلى وجود تواصل بين بعض أفراد بيئة “حزب الله” و”الموساد”. ولفت إلى أن الفرع عرض هذه المعلومات على مسؤول جهاز الأمن والارتباط في الحزب، وفيق صفا، إلا أن الأخير رفضها، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن بيئة الحزب لا يمكن أن تكون حاضنة لعملاء.
غطاء ديني ونشاط خدمي
وكشف مطر أن أحد العملاء في الحزب كان يدير مكتب سفريات متخصص بتنظيم رحلات دينية إلى المراقد، ما سهّل عليه كسب ثقة عدد من مناصري الحزب، خاصة عبر تقديم تسهيلات مالية، واستغلال هذه العلاقة للحصول على معلومات حساسة من داخل بيوت القيادات.
دور الوحدة 900 وأجهزة الدولة
عادةً ما تتولى “الوحدة 900” في “حزب الله” التحقيقات مع المتهمين بالتعامل مع إسرائيل، مستخدمة أساليب دقيقة مثل أجهزة كشف الكذب. لكن اللافت، بحسب مراقبين، هو أن التحقيقات مع صالح يتولاها القضاء اللبناني مباشرة، ما أثار تساؤلات حول سياسة الحزب في التعامل مع المتورطين.
وفي هذا السياق، أوضح مطر أن الحزب يقرر تسليم المشتبه بهم بناءً على موقعهم التنظيمي؛ فإذا كان المشتبه به قيادياً، يحتفظ الحزب بالتحقيق داخلياً، أما إذا كان من الرتب العادية، فيتم تسليمه إلى الدولة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية.
صدمة في البيئة الحزبية
أثار خبر توقيف محمد صالح، في 28 أبريل الماضي، صدمة داخل بيئة “حزب الله”، خصوصاً بعد تداول صور له على مواقع التواصل الاجتماعي وهو ينعى عدداً من مقاتلي الحزب الذين سقطوا منذ أكتوبر 2023، ما زاد من وقع المفاجأة لدى جمهوره.
وبحسب المعلومات، فإن توقيفه جاء بعد بلاغ قدّمه وكيل أحد محال تحويل الأموال في منطقة الغبيري – الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث كان صالح يعمل.