إحراق إطارات على طريق المطار

قبل ساعات من انعقاد الجلسة الحكومية التي وُصفت بـ”التاريخية” والمخصصة للبحث في مسألة “بسط سلطة الدولة اللبنانية على جميع أراضيها بأدواتها الذاتية”، شهدت مناطق في الضاحية الجنوبية لبيروت تحركات مفاجئة أثارت حالة من الخوف والذعر في أوساط اللبنانيين، اعتبرها كثيرون رسائل أمنية – سياسية معتادة من «حزب الله» عند كل مفترق سياسي حاد.

وفيما انتشرت دعوات وتحذيرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمجموعات الخاصة تدعو إلى تحركات شعبية متزامنة مع موعد الجلسة، حملت بعضها توقيع “أبناء الجنوب” و”أبناء العشائر في البقاع”—وهي مناطق تُعد محسوبة على «حزب الله»—أغلقت القوى الأمنية مداخل محيطة بمنزل رئيس الحكومة نواف سلام، في خطوة احترازية.

كما تداولت مقاطع فيديو تظهر شباناً على دراجات نارية يجوبون شوارع الضاحية، لا سيما منطقتي الصفير والشياح، ما استدعى استنفاراً أمنياً واسعاً، خصوصاً في عين الرمانة، ذات الحساسية التاريخية، والتي شهدت في العام 2021 مواجهات دامية بين مناصرين لـ”حزب الله” وآخرين لـ”القوات اللبنانية”.

لكن رغم هذه التحركات، لم يصدر عن «حزب الله» أي تبنٍّ رسمي لها، في وقت رُصد حراك سياسي لافت للحزب، تمثّل بزيارة وفد نيابي منه لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ومن ثم لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل صباح يوم الجلسة، وسط مؤشرات على رغبة الحزب بفتح صفحة سياسية جديدة مع حلفاء سابقين باتوا يرفعون خطاباً معارضاً لسلاحه.

مصادر متابعة للملف أشارت لصحيفة “الشرق الأوسط” إلى أن الحزب يعوّل على هذا الحراك السياسي لتوجيه رسائل استعداد للانخراط في مشروع “بناء الدولة”، وإن كان لا يزال يربط ذلك بالانسحاب الإسرائيلي من الجنوب كأولوية.

النائب علي فياض، أحد أعضاء الوفد، قال بعد لقائه باسيل إن “الفرصة مواتية لبناء دولة، ويجب أن تتضافر كل الجهود لتحقيق ذلك، لكن العقبة تكمن في الاعتداءات الإسرائيلية التي تعرقل مسار التعافي وبناء الدولة”.

في المقابل، يرى المحلل السياسي علي الأمين أن حزب الله اتخذ قراراً محسوباً بعدم النزول إلى الشارع قبل موعد الجلسة، رغم مباحثات داخلية كانت تجري بين كوادره في اليومين السابقين، مرجّحاً أن قيادة الحزب أدركت أن أي تصعيد شعبي لن يصب في مصلحتها، بل قد يفاقم عزلتها داخلياً ويعمّق التباعد مع حليفها التقليدي، رئيس مجلس النواب نبيه بري.

ويضيف الأمين: “ما جرى لم يكن تحريكاً منظّماً للشارع، بل أقرب إلى التهويل ومحاولة لقياس ردّ الفعل، عكس في جوهره حالة من الإرباك داخل الحزب، لا وجهة مدروسة واضحة له”.

ويختم: “حزب الله لم يعد قادراً على الاستثمار في الشارع كما في السابق، فالكلفة السياسية لمثل هذه التحركات أصبحت مرتفعة، وهو اليوم يتجه على ما يبدو نحو الخيارات السياسية بدلاً من فرض المعادلات عبر الأرض”.

البحث