منذ اندلاع الحرب على غزة، التزم المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة، عزلة صارمة فاقت حتى عزلة يحيى السنوار ومحمد ضيف، ما جعله هدفاً مركزياً للملاحقة الإسرائيلية. لكن مع الضربة الأخيرة التي استهدفت مبنى يعتقد أنه كان بداخله، يثار السؤال الأبرز: هل كان لا يزال موجوداً هناك ساعة سقوط القنبلة؟
موقع “والا” الإسرائيلي نقل عن مصدر أمني قوله: “للأسف، لقد أعد خلفاء له”، في إشارة إلى أن أبو عبيدة لم يكن مجرد متحدث عسكري، بل رأس آلة دعائية ونفسية متكاملة داخل حماس.
وبحسب الموقع، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وضعت أبو عبيدة على رأس قائمة التصفية منذ ما قبل السابع من أكتوبر 2023، لكن اختفاءه المتكرر وقدرته على المناورة حالا دون استهدافه. حتى أن تقديرات أمنية أشارت إلى أن فرصة وشيكة للقضاء عليه ضاعت بسبب الخشية من وقوع إصابات واسعة بين المدنيين.
شهرة أبو عبيدة تجاوزت غزة؛ فقد وصفه الموقع الإسرائيلي بأنه “رمز عربي حقيقي”، تتردد عباراته في أنحاء العالم العربي وتزين صوره وملصقاته شوارع تركيا، حيث تحول إلى شخصية شعبية مؤثرة.
المخابرات كشفت اسمه الحقيقي، حذيفة كحلوت، لمحاولة الضغط عليه ودفعه إلى ارتكاب أخطاء، لكن مصادر أمنية تؤكد أنه “يمتلك فهماً عميقاً للحرب النفسية”، وأنه نرجسي بطبعه لكنه شديد الحذر، مشددة: “في النهاية، الجميع يخطئ، والقضاء عليهم مسألة وقت”.
وبحسب تقارير إسرائيلية، فإن محاولة الاغتيال الأخيرة هي الثالثة التي تستهدفه منذ اندلاع الحرب، بعد محاولات فاشلة سابقة خلال السنوات الماضية.
أبو عبيدة، الذي تولى مهمة المتحدث العسكري عام 2004، رسّخ صورته في الوعي الإسرائيلي والعربي مع إعلانه عن أسر الجندي جلعاد شاليط. ومنذ ذلك الحين، تحوّل إلى الواجهة الإعلامية للجناح العسكري لحماس، وواحد من أبرز أدوات الحرب النفسية التي تعتمدها الحركة في مواجهة إسرائيل.
ومع استمرار الغموض حول مصيره بعد القصف الأخير، تبقى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بانتظار نتائج التحقيق النهائي لمعرفة إن كانت هذه المرة قد أنهت حقبة “الصوت الأشهر” في حروب غزة.