غزة

تتصاعد المخاوف من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مع استمرار الخلاف حول مصير 13 جثة لرهائن إسرائيليين ما زالت داخل القطاع، في ظل تبادل الاتهامات بين إسرائيل وحركة حماس، وتصاعد الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية للرد بقوة.

فقد شكلت قضية الرهائن أحد أبرز دوافع الرأي العام الإسرائيلي لإنهاء الحرب، سواء لإعادتهم أحياءً أو أمواتاً، إلا أن استمرار احتجاز الجثث في غزة دفع عائلات الضحايا وبعض المشرعين اليمينيين إلى المطالبة بـ”معاقبة حماس”، وهو ما ينذر باستئناف العمليات العسكرية في أي لحظة.

وفي تطور جديد، اتهمت إسرائيل، بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حركة حماس بالمسؤولية عن عملية انتشال جثة رهينة هذا الأسبوع. ونشرت تل أبيب مقطع فيديو التقطته طائرة بدون طيار يظهر — بحسب روايتها — عناصر من حماس يدفنون جثة ملفوفة بغطاء أبيض، قبل أن يعاودوا استخراجها أمام ممثلين عن الصليب الأحمر.

وقالت إسرائيل إن الرفات تعود إلى أوفير تسرفاتي (27 عامًا)، أحد رهائن هجمات 7 أكتوبر 2023، الذي توفي متأثراً بإصاباته، مشيرة إلى أن الجيش كان قد استعاد جثته قبل عامين — وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول دقة الرواية الإسرائيلية.

ورغم إعلان حماس التزامها الكامل ببنود وقف إطلاق النار واعتبارها الاتهامات الإسرائيلية “ذرائع لاستئناف الحرب”، شنت إسرائيل غارات مكثفة على عشرات المواقع في غزة عقب مقتل أحد جنودها، ما أسفر — وفق وزارة الصحة في القطاع — عن مقتل أكثر من 100 شخص، بينهم عشرات الأطفال.

وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي أعلن العودة إلى تطبيق وقف إطلاق النار في اليوم التالي، فإنه اعترف لاحقاً بمواصلة ضرب أهداف في شمال غزة، في مؤشر على هشاشة الهدنة.

ضغوط داخلية وتوتر متصاعد

ترى تقارير إسرائيلية أن حماس تتعمد تأخير تسليم الجثث لكسب الوقت وإعادة ترتيب أوضاعها في القطاع، بينما اعتبر منتدى عائلات الرهائن أن ما يحدث “أعمال وحشية مقصودة لتطويل معاناة العائلات”.

في المقابل، أكدت حماس أنها تبحث عن الجثث بجدية، مشيرة إلى أن العديد من محتجزي الرهائن قد لقوا حتفهم، وأن بعض الجثث دُفنت تحت الأنقاض جراء الغارات الإسرائيلية.

وتشير تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن الحركة فقدت مواقع عدد من الجثث، وقد لا يتم العثور على بعضها مطلقاً. ومنذ بدء الهدنة، سلمت حماس 15 جثة من أصل 28 كانت لا تزال في غزة، فيما يُعتقد أنها تعرف مكان ثماني جثث أخرى على الأقل، وفقاً لمصادر دبلوماسية ووسطاء.

أزمة إنسانية تهدد المسار السياسي

دعا نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس مؤخراً إلى “التحلي بالصبر” في جهود البحث عن الجثث، قائلاً:

“بعض الرهائن مدفونون تحت أطنان من الأنقاض، وبعضهم لا أحد يعرف مكانهم”.

ويحذر مراقبون من أن ملف الجثث قد يتحول إلى قنبلة سياسية وأمنية تهدد بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار، إذا استمرت الضغوط الشعبية داخل إسرائيل واستُخدم الملف كذريعة لاستئناف الحرب، في وقت لا تزال فيه غزة تواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة.

البحث