أفادت مصادر عاملة في القطاع الصحي الخاضع لجماعة الحوثيين في اليمن، بأن أوبئة جديدة، في مقدمتها الكوليرا والملاريا، عادت للتفشي بصورة متسارعة خلال الأيام الأخيرة في محافظة إب. يأتي ذلك وسط غياب للمكافحة وتدهور حاد في القطاع الصحي.
آلاف الإصابات وناقوس خطر يدقه الأطباء
حسب تأكيد المصادر لـ”الشرق الأوسط”، أظهرت تقارير وبلاغات طبية تسجيل ما يزيد على 6 آلاف إصابة جديدة بالكوليرا و2100 إصابة بالملاريا خلال فترة الأسبوعين الأخيرين في عاصمة المحافظة (مدينة إب) و22 مديرية. على الرغم من تكتم الحوثيين على أعداد الإصابات والوفيات جراء الأوبئة في مناطق سيطرتهم، فإن أطباء يعملون في 10 مستشفيات خاضعة للجماعة في إب (193 كيلومترًا جنوبي صنعاء) دقوا ناقوس الخطر جراء الارتفاع المخيف في معدلات انتشار الكوليرا والإسهالات الحادة. أكد أطباء لـ”الشرق الأوسط” وصول حالات إسهال مائي حاد إلى طوارئ عدة مستشفيات بالمحافظة، منها “الثورة”، و”ناصر”، و”الأمومة والطفولة”، و”جبلة” العام. وأفادوا بأن بعض الحالات دخلت في فشل كلوي حاد نتيجة الجفاف بعد الإسهال الشديد، حيث أظهرت عينات من الفحوصات التي أُرسلت إلى المختبرات ثبوت الإصابة بالكوليرا.
تردي القطاع الصحي ووفيات بين الأطفال
وسط تردي القطاع الصحي وتدهور المعيشة واستمرار الصراع، تؤكد المصادر تفشي موجة جديدة من الأوبئة في إب، هي الأعنف من سابقاتها خلال الأشهر الثلاثة الماضية؛ حيث غابت وقتها كل التدخلات المتعلقة بتقديم الرعاية الطبية، وتنفيذ حملات المكافحة والتوعية والتحصين. اشتكى سكان في إب لـ”الشرق الأوسط” من أن أمراضًا عدة، منها الكوليرا والملاريا، انتشرت بصورة كبيرة في معظم حارات وأحياء المدينة ومديريات أخرى، متسببة في وقوع وفيات من الأطفال والنساء نتيجة عدم تلقيهم الرعاية الطبية اللازمة جراء تدهور القطاع الصحي.
قصص مؤلمة ودعوة لتدخل إنساني عاجل
حسب شهود في مدينة العدين (غربي إب)، يتجمع عشرات من المصابين بالكوليرا والملاريا مع ذويهم، وجلهم من الأطفال، في أروقة المستشفى العام بالمدينة، أملًا في الحصول على الرعاية الصحية، ولكن دون جدوى. يقول “خالد.م” لـ”الشرق الأوسط” إنه نقل 3 من أطفاله يشتبه في إصابتهم بالكوليرا إلى المشفى الحكومي الخاضع للحوثيين في المدينة لتلقي العلاج؛ حيث فارق أحدهم الحياة بعد نحو 4 ساعات من انتظار تقديم الخدمات الإسعافية الطارئة. يحمل خالد الانقلابيين الحوثيين الذين يتحكمون في القطاع الطبي في إب مسؤولية فقدان ابنه الأصغر (4 أعوام) نتيجة ما أصابه من جفاف حاد جراء إسهال مائي مزمن، فارق على أثره الحياة. يعيش ملايين السكان في محافظة إب حالة من الخوف، مع الانتشار المتسارع للكوليرا والملاريا وأوبئة أخرى معدية؛ حيث ينذر تصاعد الإصابات بموجة وبائية تتطلب تدخلًا عاجلاً من المنظمات الإنسانية، بعيدًا عن العبث والإهمال والفساد المستشري في القطاع الصحي الخاضع للجماعة الحوثية.
إحصائيات أممية تؤكد تفشي الكوليرا في اليمن
ترافقت تطورات تفشي الكوليرا والملاريا في إب مع إحصائية أممية حديثة كشفت عن تسجيل أكثر من 11 ألف حالة إصابة جديدة بالكوليرا في اليمن خلال الربع الأول من العام الجاري. وكشفت منظمة الصحة العالمية عن أنه تم الإبلاغ عن 11507 حالات كوليرا وإسهال مائي حاد في اليمن، و9 وفيات مرتبطة بالوباء، خلال الفترة بين يناير ومارس الماضيين. وأكدت المنظمة أن عدد الحالات والوفيات المبلّغ عنها في البلاد خلال مارس وحده وصل إلى 1278 حالة، إلا أنه لم يتم تسجيل أي حالة وفاة مرتبطة بالمرض في الشهر ذاته. يُعد اليمن رابع أكثر الأقطار تفشيًا للكوليرا على مستوى العالم، وتؤكد الصحة العالمية أن وباء الكوليرا لا يزال يشكل خطرًا حقيقيًا على صحة السكان، رغم جهودها المستمرة للحد من انتشاره.