هل أنت من الذين يكتفون بقطعة كعكة في عيد الميلاد وينصرفون بسلام؟ أم أن رائحة الفانيليا ولمعة الكريمة تُوقظ فيك شهوة لا تُقاوم، تبدأ بالكعكة… ولا تنتهي حتى علبة البسكويت في السيارة؟
هذا تمامًا ما عاشته الدكتورة جين أونوين، أخصائية علم النفس البريطانية، التي خاضت لعقود صراعًا داخليًا مع ما تسميه اليوم “إدمان الطعام”. برغم نجاحها المهني وحياتها العائلية المتزنة، كانت غير قادرة في الأربعينات من عمرها على مقاومة السكر، حتى أن لقمة صغيرة كانت تكفي لإطلاق نوبة شره تنتهي بالغثيان، يتبعها شعور بالخزي واليأس.
لكن الاعتراف، كما تقول، كان بداية الشفاء. اليوم، وبعد أن تعافت كليًا، تخوض معركة جديدة: إثبات أن إدمان الطعام حقيقي، وأنه يستحق أن يُعامل كإدمان الكحول والتبغ والمخدرات، لأنه في رأيها… الأصعب بينها جميعاً.
فكيف نعرف متى نتوق ببساطة إلى الحلوى، ومتى نغرق في إدمان غذائي خطير؟
وفقًا لأونوين، إذا ترافقت ثلاثة أعراض أو أكثر من التالي، فثمّة جرس إنذار يجب أن يُسمع:
- طعام لا يُقاوم: التوق إلى نوع محدد من الطعام يصبح أقرب إلى هوس، كما كانت تفعل حين تخلط الزبدة والسكر والدقيق لتأكله نيئًا في غياب عائلتها.
- دوامة بلا نهاية: تبدأ بقطعة، ثم اثنتين، ثم لا تكتفي حتى تصل إلى حد الغثيان، كما حصل معها في حفل زفاف ابنتها.
- الطعام أولاً: يصبح الشغف بالأكل أهم من التواصل أو المتعة أو حتى العمل. كانت تقود عشرين دقيقة لتأكل آيس كريم بمفردها وتعود وكأن شيئًا لم يكن.
- فقدان السيطرة: تقرر أن تأخذ قطعة، فتجد نفسك أنهيت العلبة كلها… قبل أن يأتي الضيوف أصلاً.
- أعراض الانسحاب: من صداع إلى قلق واكتئاب وضباب ذهني… كلها علامات انسحاب حين تحاول التوقف.
- تعرف أنه يضرك… وتواصل: تمامًا كما يفعل مدمن السجائر أو الكحول، تعرف أن السكر يؤذيك، ومع ذلك… لا تتوقف.
فما الحل؟
تقول أونوين إن الخطوة الأولى هي أن تعترف. أن تُسمي الأشياء بأسمائها: هناك أطعمة تُخدرك، وهناك عادة أصبحت مرضًا.
تخيل كيف ستصبح حياتك حين تتحرر من هذا القيد. تخلّص من “الأطعمة المخدّرة” من منزلك، تحدّث بصراحة مع المقرّبين، واطلب الدعم، ولا تخف من التكرار.
وإن كنت تتناول أدوية مزمنة، فلا تغيّر نظامك الغذائي فجأة، بل استشر طبيبك. فالتعافي لا يأتي في يوم… لكنه ممكن. الدكتورة أونوين اليوم تقول بثقة: “لقد خرجت من هذه الدوّامة، ولم تعد هذه الأطعمة جزءًا من تفكيري”.