وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في يوليو الماضي على أول جهاز لقياس ضغط الدم بدون سوار، ويُتاح بدون وصفة طبية. الجهاز المعروف باسم «هايلو باند – Hilo Band» هو سوار معصم رفيع يقوم بقياس ضغط الدم تلقائيًا حتى 50 مرة يوميًا، ومن المتوقع طرحه في الأسواق عام 2026 بسعر يقارب 280 دولارًا. يعتمد هذا الجهاز على مستشعر ضوئي يكتشف التغيرات في تدفق الدم عبر الأوعية الدموية داخل المعصم، باستخدام تقنية تُعرف بمخطط التحجّم الضوئي (photoplethysmography – PPG).
توجد تقنيات أخرى مبتكرة قائمة على تقنية «PPG» وأخرى قيد التطوير لقياس ضغط الدم، تشمل أجهزة مثل الخواتم، والهواتف الذكية، والنظارات الذكية، واللصقات الصدرية، والوشم المؤقت، وحتى مقاعد المرحاض، كما جاء في مراجعة نُشرت في دورية «جاما كارديولوجي» في 1 يونيو 2025. وعلى أرض الواقع، تمت الموافقة مسبقًا على 4 أجهزة بلا سوار أخرى للاستخدام الطبي من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
يقول الدكتور هوارد لوين، طبيب الأمراض الباطنة في مستشفى بريغهام والنساء بجامعة هارفارد ورئيس التحرير الطبي في «منشورات هارفارد الصحية»: «هذه الأجهزة بلا سوار قد تُحدث ثورة في مراقبة وإدارة ضغط الدم، لكننا لم نصل إلى الكمال بعد». ويرى أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب معايير موحدة للتحقق من دقة هذه الأجهزة، رغم أن هناك مبادئ توجيهية قيد الإعداد.
الوضع الحالي لقياس ضغط الدم
ضغط الدم هو أكثر القياسات شيوعًا في الطب، لكن قياسه في العيادات لا يعكس دائمًا القيم الحقيقية، لأنه يتغير خلال اليوم، ويعاني بعض الأشخاص من ارتفاع ضغط الدم بسبب «رهاب المعطف الأبيض»، حيث يرتفع الضغط في بيئة العيادة. لذلك، توصي الإرشادات بمراقبة ضغط الدم خارج العيادة قبل تعديل الأدوية.
المراقبة المتنقلة: تعتمد على ارتداء سوار تقليدي على الذراع لمدة 24 ساعة، يتضخم تلقائيًا كل 20-30 دقيقة خلال النهار، وكل 30-60 دقيقة ليلاً. لكنها غير مريحة، وقد تؤثر على النوم، كما أن عدد العيادات التي توفر هذه الخدمة محدود.
المراقبة المنزلية: تشمل قياس ضغط الدم باستخدام جهاز شخصي، عادة مرتين صباحًا ومساءً لمدة أسبوع. يجب تكرار القياسات قبل تناول أدوية الضغط. لكن هذه الطريقة قد تكون مرهقة وتسبب القلق للبعض، كما أن كثيرين لا يقيسون ضغط الدم بدقة بسبب استخدام سوار غير مناسب أو وضع الذراع بشكل خاطئ، حيث وجدت دراسة أن 60% من الناس يرتكبون 3 أخطاء أو أكثر أثناء القياس.
مزايا وعيوب الأجهزة بلا سوار
سهولة الاستخدام: تقيس هذه الأجهزة ضغط الدم بشكل مستمر طوال اليوم والليل بدون إحساس بالانضغاط أو أصوات مزعجة كالنفخ في السوار، مثل جهاز «هايلو باند» الذي لا يظهر إضاءات مزعجة.
دقة القياسات: مع ذلك، كما تشير مراجعة «جاما كارديولوجي»، تواجه هذه الأجهزة تحديات في الدقة، خاصة لأنها تقيس ضغط الدم أثناء مختلف الحالات مثل الوقوف أو الحركة أو الاستلقاء، مما يعقد التحقق من النتائج. كما يجب معايرة الأجهزة دورياً مقارنة بالأجهزة التقليدية، وهذه الخطوة قد تكون صعبة لبعض المستخدمين، خاصة كبار السن.
البيانات والخصوصية: تولد هذه الأجهزة كميات كبيرة من البيانات التي تحتاج لنقل وتخزين وتحليل آمن، ما يطرح تحديات تقنية وأعباء على الأطباء وقضايا تتعلق بالخصوصية. كما أنه لم تُجرَ بعد تجارب سريرية تثبت أن هذه الأجهزة فعالة ومجدية اقتصاديًا في الوقاية من أمراض القلب مثل أجهزة قياس الضغط التقليدية.
يختتم الدكتور لوين بأن الأجهزة بلا سوار ستزداد شعبيتها في المستقبل، وستكون مفيدة للجميع، خصوصًا للأشخاص الذين يعانون من نوبات متكررة من الدوار، حيث تتيح المراقبة الفورية لضغط الدم إمكانية تعديل جرعات الأدوية بشكل أفضل.