غالباً ما يُفترض أن البلع عملية تلقائية لا يمكن أن تتعثر، غير أن الأطباء يحذرون من أن هذه الآلية الحيوية قد تتعرض للاضطراب، ما يتطلب انتباهاً أكبر لحماية صحتها.
ووفق تقرير نشرته صحيفة «الغارديان»، أوضحت الدكتورة لورا دومينغيز، إخصائية الأنف والأذن والحنجرة، أن «الطريقة الصحيحة للبلع قد تختلف من شخص لآخر، لكن من المهم تناول لقيمات بحجم مناسب، والمضغ الجيد، وشرب الماء أو السوائل أثناء الوجبات». ونبّه اختصاصيو أمراض النطق واللغة إلى خطورة التسرع في الأكل أو شرب كميات كبيرة من السوائل دفعة واحدة، مشددين على أن إمالة الرأس قليلاً عند الشرب تسهّل عملية البلع وتقلّل من مخاطر دخول الطعام أو الشراب إلى مجرى التنفس.
تحدث صعوبات البلع نتيجة التهابات مؤقتة في الحلق بعد العدوى التنفسية، أو كأثر جانبي للعلاج الإشعاعي، وقد تكون أكثر تعقيداً عند الأطفال حيث تُدرج تحت اضطرابات التغذية. وتشير الدراسات إلى أن واحداً من كل ثلاثة أطفال دون الخامسة يعاني شكلاً من أشكال عسر البلع، الذي قد يكون مرتبطاً بالقلق أو اضطرابات الجهاز الهضمي أو الأعصاب، وأحياناً يظل سببه مجهولاً.
أما لدى البالغين، فيُشخّص واحد من كل 17 شخصاً فوق سن 45 عاماً بعسر البلع، وغالباً ما تكون أسبابه عصبية مثل السكتة الدماغية أو الخرف أو مرض باركنسون، إضافةً إلى التغيرات الطبيعية الناتجة عن التقدم في العمر. كما يمكن أن ينتج عن الارتجاع المريئي أو استخدام بعض العلاجات الحديثة مثل محفزات «GLP-1» الخاصة بإنقاص الوزن.
وقد تكون معايشة المرض تحدياً قاسياً؛ فبعض المصابين يحتاجون إلى أنابيب تغذية، وآخرون يُجبرون على تغيير أنظمتهم الغذائية إلى أطعمة مهروسة أو سوائل مكثفة لضمان سلامة البلع. عند الأطفال، قد يؤثر الاضطراب على ثقتهم بأنفسهم وعلاقاتهم الاجتماعية، بينما يصف بعض البالغين التجربة بأنها «مرهقة ومربكة»، كما حدث مع عالم الطب الحيوي جون بول أندرسن الذي اكتشف إصابته عندما عجز عن ابتلاع قطعة لحم في سن الثلاثين.
ويؤكد الأطباء أن عسر البلع أكثر شيوعاً مما يُعتقد، وأن التشخيص المبكر والتدخل العلاجي السريع ضروريان لتقليل المخاطر الصحية وتحسين جودة حياة المصابين، حتى يتمكنوا من الأكل والشرب بأمان وكرامة.