كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة نيتشر يوم الأربعاء، عن رصد مجرة حلزونية عملاقة تُدعى J0107a، تعود إلى حقبة مبكرة جداً من عمر الكون، حين لم يكن قد تجاوز 2.6 مليار سنة، أي ما يعادل خمس عمره الحالي. هذا الاكتشاف أثار دهشة العلماء نظراً لضخامة المجرة وبنيتها المعقدة وغير المتوقعة في ذلك الزمن المبكر.
ووصف شو هوانغ، الباحث الرئيسي من المرصد الفلكي الوطني الياباني وجامعة ناغويا، المجرة بأنها “ضخمة”، إذ تُقدّر كتلتها بأكثر من عشرة أضعاف كتلة مجرتنا “درب التبانة”.
مجرة متطورة في كون ناشئ
J0107a هي مجرة حلزونية ضلعية، تتكون من قرص يعبره شريط مركزي من الغاز والنجوم، تحيط به أذرع منحنية. هذا النمط البنيوي المعقد يثير التساؤلات العلمية، إذ تعتبر الأشرطة المركزية من السمات “المتطورة”، والتي -بحسب أستاذة علم الفلك ديان فيشر من جامعة سوينبورن الأسترالية– “تستغرق وقتاً طويلاً لتتشكل، ولا يُتوقع رؤيتها في الكون المبكر جداً”.
إلا أن J0107a خالفت هذه التوقعات، إذ لا تقتصر فرادتها على بنيتها فقط، بل تتجلى أيضاً في النسبة العالية من الغاز داخل شريطها المركزي، والتي تصل إلى 50%، مقارنةً بـ10% في المجرات الحديثة ذات البنية الشريطية.
وتيرة ولادة نجوم مذهلة
يتدفق هذا الغاز الغني نحو مركز المجرة، مما يغذي تكوين النجوم بمعدل يفوق نظيره في مجرتنا بثلاثمئة مرة. ففي الشريط وحده، تنتج J0107a ما يعادل 500 شمس سنوياً، ما يسلّط الضوء على حقبة كونية كانت غنية بولادة النجوم.
ويحيط بالمجرة سحابة غازية ضخمة يبلغ قطرها 120 ألف سنة ضوئية، وهي أكبر من درب التبانة نفسها. وتُعتبر هذه السحابة، وفق الدراسة، مصدر الوقود الذي يدعم نشاط المجرة، والتي بلغ سطوع مركزها ما يعادل 700 مليار شمس.
“جيمس ويب” يغيّر قواعد الرصد الكوني
هذا الاكتشاف يأتي في سياق سلسلة من المفاجآت التي أتاحها تلسكوب جيمس ويب الفضائي، الذي بدأ عمله عام 2022. على عكس تلسكوب هابل، الذي كان يلتقط صوراً لمجرات غير منتظمة، كشف “ويب” عن وجود عدد كبير من المجرات المنتظمة والمضيئة، والتي يُحتمل أنها تشكّلت أبكر بكثير مما توقّعه علماء الكونيات.
وأكمل الفريق الياباني بقيادة هوانغ ملاحظاته من خلال تلسكوب “ألما” الراديوي في صحراء أتاكاما التشيلية، والذي ساعد في فهم توزيع الغاز داخل المجرة ودوره في تعزيز نشاطها النجمي الكثيف.