الأنظمة الغذائية المضادة للالتهابات

تؤكد الأبحاث العلمية الحديثة وجود ارتباط وثيق بين النظام الغذائي والاستجابات الالتهابية في الجسم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتهاب مزمن منخفض الدرجة، الذي يُعد عاملًا مشتركًا خلف عدد من الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب، والسكري، وبعض أنواع السرطان.

لكن هذا الاهتمام العلمي تحوّل مؤخرًا إلى موجة من النصائح الغذائية المتطرفة على منصات مثل تيك توك، حيث يُروّج لما يُعرف بـ”الأنظمة المضادة للالتهابات” بشكل مبسط ومبالغ فيه. وتدعو هذه الموجة إلى تجنب شامل لأنواع كاملة من الأطعمة مثل منتجات الألبان، الغلوتين، السكر، بحجة أنها تسبب التهابات مزمنة وتمنع فقدان الوزن، وهو طرح يفتقر إلى التوازن العلمي.

ما هو الالتهاب فعليًا؟

من المهم التمييز بين الالتهاب الحاد، الذي يُعد رد فعل دفاعي طبيعي في الجسم ضد العدوى أو الإصابة، والالتهاب المزمن، الذي يستمر لفترات طويلة دون أعراض ظاهرة، وقد يساهم في تطور أمراض مزمنة.

ماذا تقول الأدلة العلمية؟

تشير الدراسات إلى أن النمط الغذائي العام، وليس مجرد استبعاد مكونات فردية، هو ما يؤثر على مستويات الالتهاب. ومن أبرز الأنظمة الغذائية المدروسة في هذا السياق، يأتي النظام المتوسطي، الذي يتميز بتنوعه واعتماده على:

الخضروات والفواكه الطازجة

الحبوب الكاملة

البقوليات والمكسرات

زيت الزيتون كمصدر رئيسي للدهون

تقليل الأطعمة المعالجة والسكريات المضافة

هذا النظام الغذائي يوفر مضادات أكسدة، أليافًا، ودهونًا صحية تُسهم في تهدئة الالتهابات بطريقة مستدامة.

ماذا عن المعلومات المتداولة على السوشيال ميديا؟

بعض النصائح المتداولة تستند إلى أسس علمية، لكن كثيرًا منها يخلو من الدقة أو يعاني من التبسيط المخل. فعلى سبيل المثال:

البروبيوتيك الموجود في الزبادي والكفير يمكن أن يدعم صحة الأمعاء وقد يكون له دور في تقليل الالتهاب، لكن فعاليته تختلف من شخص لآخر.

تجنب الغلوتين ومنتجات الألبان دون وجود حساسية أو حالة صحية مثل الداء البطني ليس له ما يدعمه من الأدلة، وقد يؤدي إلى نقص في العناصر الغذائية الأساسية مثل الكالسيوم أو البروتين.

الرسالة الأساسية: التوازن لا الحرمان

الصحة الجيدة لا تُبنى عبر قوائم صارمة من الممنوعات، بل من خلال نمط حياة متكامل يشمل:

تنويع الأطعمة الطبيعية الكاملة

الاعتدال في استهلاك الأطعمة المعالجة

الحركة المنتظمة والنشاط البدني

النوم الكافي

تقنيات إدارة التوتر والضغط النفسي

اتباع هذا النهج المتوازن هو الطريق الأضمن للوقاية من الالتهاب المزمن دون الانجراف خلف نصائح متطرفة قد تضر أكثر مما تنفع.

البحث