في ضربة جديدة للاقتصاد البريطاني، أعلن مكتب الإحصاء الوطني عن انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% خلال مايو (أيار)، للشهر الثاني على التوالي، بعد انكماش بنسبة 0.3% في أبريل، ما يعزز المخاوف من ركود محتمل خلال الربع الثاني من العام.
وجاءت هذه الأرقام دون توقعات المحللين الذين رجّحوا نموًا طفيفًا بنسبة 0.1%، ما يمثل انتكاسة سياسية واقتصادية لرئيس الوزراء كير ستارمر ووزيرة الخزانة رايتشل ريفز، اللذين يواجهان بالفعل سلسلة من التحديات الداخلية.
وتأثر الاقتصاد البريطاني بعدة عوامل ضاغطة، أبرزها الرسوم الجمركية الأميركية التي فرضتها إدارة ترامب بنسبة 10% في إطار حرب تجارية متبادلة، إلى جانب الزيادات المحلية في الضرائب وفواتير الطاقة والعقارات، مما فاقم الضغوط على الأسر والشركات البريطانية.
وأظهرت البيانات تراجعًا ملحوظًا في قطاعات التصنيع (-0.9%) والإنشاءات (-0.6%)، فيما بالكاد ارتفع قطاع الخدمات (+0.1%). كما انخفضت تجارة التجزئة بشكل حاد، في حين حذّر محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي من أن الضبابية الاقتصادية تدفع الشركات إلى تجميد استثماراتها.
وبالرغم من توصل حكومة ستارمر إلى اتفاق مع واشنطن في مايو لتخفيف التوتر التجاري، فإن آثار الإجراءات السابقة ما زالت تلقي بثقلها، حيث كانت بعض مؤشرات الشركات توحي بانتعاش مؤقت في بداية العام، مدفوعًا بتسريع الأنشطة قبل فرض الرسوم.
ويتوقّع خبراء أن يتباطأ النمو بشكل ملحوظ في النصف الثاني من 2025، وسط ضعف سوق العمل وغموض اقتصادي مستمر. وبحسب توقعات بنك إنجلترا، قد لا يتجاوز النمو السنوي 1%.
وقال سانجاي راجا، كبير الاقتصاديين لدى “دويتشه بنك”، إن البيانات الأخيرة “تكشف عن مخاطر هبوطية واضحة”، مشيرًا إلى أن تقديرات النمو للربع الثاني قد تنخفض إلى ما بين 0.1% و0.2% فقط، مقارنة بالتوقع الرسمي البالغ 0.25%.
وتنتظر الأسواق إصدار التقديرات الأولية لنمو الربع الثاني في 14 أغسطس (آب)، وسط ترقب لتحرّك محتمل من بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة خلال الشهر نفسه، ثم مرة أخرى قبل نهاية العام، في محاولة لتحفيز الاقتصاد ومنع انزلاقه نحو ركود أعمق.