دماغ مريض الألزهايمر

يواصل العلماء تطوير تقنيات جديدة للتعامل مع الأمراض العصبية التنكسية، مثل مرض ألزهايمر، الذي يصيب الملايين حول العالم، ويسبب تدهورًا تدريجيًا في القدرات الإدراكية والذاكرة.

ومن بين الأساليب الحديثة قيد البحث، التحفيز الكهربائي للدماغ، والذي يعتقد الباحثون أنه قد يساعد في تحسين الوظائف المعرفية عبر تعديل نشاط الشبكات العصبية. وفي دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين في مركز جامعة تكساس الطبي الجنوبي الغربي، تبين أن التحفيز الكهربائي المتكرر لمناطق الدماغ المسؤولة عن الذاكرة أدى إلى تحسن واضح في التعلم اللفظي لدى بعض مرضى ألزهايمر.

ارتكزت الدراسة على تقنية التحفيز الكهربائي المباشر عبر الجمجمة (tDCS)، والتي تعتمد على تمرير تيار كهربائي منخفض الشدة عبر أقطاب كهربائية مثبتة على فروة الرأس، بهدف تعديل نشاط المناطق الدماغية المستهدفة. على عكس العلاجات الدوائية التي تركز على إزالة اللويحات والتشابكات البروتينية، يهدف هذا النهج إلى إعادة تنشيط المسارات العصبية التالفة وتعزيز الأداء الإدراكي، دون التأثير المباشر على الأسباب الأساسية للمرض.

شارك في التجربة 25 مريضًا من عيادات متخصصة في الإدراك بمنطقة دالاس-فورت وورث، حيث تلقى بعضهم جلسات تحفيز عصبي يومية لمدة 20 دقيقة على مدار 10 أيام، بينما خضع الآخرون لعلاج وهمي دون تيار كهربائي. تم قياس تأثير العلاج من خلال اختبارات معرفية قبل وبعد التجربة، وأظهرت النتائج أن ثلث المرضى الذين تلقوا التحفيز الكهربائي سجلوا تحسنًا ملحوظًا في التعلم اللفظي، حيث تمكنوا من تذكر الكلمات بعد سماعها مباشرة، مقارنةً بعدم حدوث أي تحسن لدى المجموعة الضابطة. كما استمرت هذه التأثيرات الإيجابية لدى بعض المرضى حتى 8 أسابيع بعد انتهاء العلاج.

بالإضافة إلى ذلك، تحسن أداء 25% من المرضى الذين تلقوا جرعة منخفضة من التيار الكهربائي، بينما أظهر 33% ممن حصلوا على جرعة أعلى تحسنًا في سرعة استدعاء الكلمات، مثل تسمية الأشياء والأفعال، مقارنةً بعدم تسجيل أي تحسن لدى المجموعة التي لم تخضع للتحفيز.

أرجع الباحثون التفاوت في استجابة المرضى إلى الاختلافات التشريحية للجمجمة وأنماط ضمور الدماغ المرتبطة بألزهايمر، وأوصوا بأن تتضمن الدراسات المستقبلية تقنيات تصوير دماغ متقدمة وأجهزة تحفيز مخصصة لكل مريض وفقًا لتركيبه التشريحي، لضمان أفضل النتائج العلاجية.

أكد الدكتور كريستيان لوبيو، الباحث الرئيسي في الدراسة وأستاذ الطب النفسي وجراحة الأعصاب في جامعة تكساس، أن النتائج واعدة رغم كونها لا تزال في مراحلها الأولية. وأضاف: “لم نلاحظ تحسنًا كبيرًا في تكوين الذكريات طويلة الأمد، لكن المنطقة التي ركزنا عليها قد تكون مفتاحًا لتخفيف الأعراض الحادة لمرض ألزهايمر.”

تشير هذه النتائج إلى أن التحفيز العصبي قد يمثل خيارًا علاجيًا محتملًا لمرضى ألزهايمر ولحالات الأمراض التنكسية العصبية الأخرى، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات السريرية للتحقق من فعاليته على نطاق أوسع.

البحث