استعاد اللواء الجزائري المتقاعد علي غديري حريته، أمس الخميس، بعد قضاء عقوبة سجن دامت ست سنوات، إثر تصريحات صحافية اعتُبرت من قبل قيادة الجيش بمثابة “تحريض للعسكريين على التمرد ضد قياداتهم العليا”.
وتعود بداية المواجهة بين غديري والسلطة إلى إعلان ترشحه لرئاسيات 2019، حين تعهّد بـ”إصلاحات جذرية في الجيش”، في حال انتخابه رئيساً وقائداً أعلى للقوات المسلحة، ما أثار حساسية مؤسسات النفوذ داخل النظام.
وأفادت “اللجنة الوطنية للإفراج عن علي غديري” عبر وسائل التواصل الاجتماعي:
“نعبر عن ارتياحنا لإطلاق سراحه بعد قضاء عقوبة جائرة مدتها ست سنوات. نهنئ كل من وقف معنا طيلة هذه الفترة دفاعاً عن رجل نزيه، مرتبط بقيم نوفمبر”، في إشارة إلى مبادئ ثورة التحرير الجزائرية.
وكتب الصحافي علي بوخلاف، الذي واكب قضية غديري قضائياً منذ بدايتها، على صفحته في “فيسبوك”:
“بعد الخامسة مساء الخميس بقليل، غادر غديري سجن القليعة بمفرده، وتفاجأت عائلته بوصوله للمنزل… إنها نهاية لمعاناة طويلة وبداية جديدة لرجل سُجن بسبب جملة قالها في مقابلة عام 2018”.
وبحسب روايات مقربين من غديري، فقد حرصت السلطات على منع أي استقبال جماهيري لحظة الإفراج، حيث نُقل إلى منزله بسيارة خاصة، في ما يبدو أنه قرار سياسي لتجنب “مظاهر دعم سياسي على مواقع التواصل”.
وأثار خروجه ردود فعل متباينة؛ فبينما يرى البعض، مثل أحد مسؤولي حملة علي بن فليس في 2019، أن غديري “قد يكون منقذ البلاد من أزمتها”، يرى آخرون أنه لن يعود للعمل السياسي، خصوصاً وأن الحكم شمل حرمانه من حقوقه المدنية لعشر سنوات، كما أن المؤسسة العسكرية لا ترحّب بانخراط ضباطها السابقين في السياسة دون توافق داخلي.
يُذكر أن غديري، الذي كان يشغل منصب مدير الموارد البشرية في وزارة الدفاع حتى تقاعده في 2015، دخل المشهد السياسي بشكل مفاجئ أواخر 2018، وأطلق سلسلة من التصريحات النارية دعا فيها إلى “جمهورية ثانية” و”قطيعة مع النظام القائم”، ثم ترشح لمنافسة بوتفليقة في انتخابات 2019 التي ألغيت لاحقاً تحت ضغط الحراك الشعبي.
وقد أُوقف في يونيو 2019، وتمت محاكمته في 2021 بتهم أبرزها “الإضرار بمعنويات الجيش”، وحُكم عليه بـ4 سنوات، قبل أن تُعاد محاكمته وتُضاف سنتان إلى العقوبة، ما رفع المدة إلى 6 سنوات، مع حرمانه من حقوقه المدنية.
ورغم كل ذلك، ظل غديري متمسكاً ببراءته، قائلاً في إحدى الجلسات:
“لم أحرّض الجيش على التدخل في الانتخابات. لا يمكن تحريك مؤسسة بحجم الجيش بتصريحات صحافية… لكني لم أستطع السكوت عمّا كان يحدث. كانوا يريدون إعادة بوتفليقة إلى الحكم على كرسي متحرّك”.
برغم الإفراج، يبقى مستقبل غديري السياسي غامضًا، في ظل القيود القانونية والضغوط السياسية، لكن خروجه يعيد إلى الواجهة أسئلة قديمة حول حرية التعبير وحدود الطموح السياسي في الجزائر.