تراجع الدولار اليوم الثلاثاء ليقترب من أدنى مستوياته مقابل اليورو منذ أيلول 2021، وسط تصاعد المخاوف المالية الناتجة عن مشروع قانون الإنفاق الذي أقره الرئيس السابق دونالد ترامب، بالإضافة إلى استمرار الضبابية بشأن الاتفاقيات التجارية، ما أثر سلبًا على ثقة المستثمرين.
وبدأ المستثمرون يراهنون على تسريع وتيرة التيسير النقدي في الولايات المتحدة خلال العام الجاري، تزامنًا مع اقتراب صدور سلسلة من البيانات الاقتصادية، أبرزها تقرير الوظائف في القطاعات غير الزراعية، المتوقع صدوره يوم الخميس.
هذا التوجه دفع إلى موجة بيع للدولار، ليرتفع اليورو إلى أعلى مستوى له منذ نحو أربع سنوات عند 1.1808 دولار. وبحسب بيانات مجموعة بورصات لندن، سجل اليورو ارتفاعًا بنسبة 13.8% خلال الفترة من كانون الثاني إلى حزيران، محققًا أقوى أداء له على الإطلاق في النصف الأول من العام.
أما الجنيه الإسترليني فاستقر عند 1.3739 دولار، وهو مستوى يقترب من أعلى مستوى له منذ ثلاثة أعوام ونصف، والذي سجله في الأسبوع الماضي. في حين ارتفع الين الياباني إلى 143.77 مقابل الدولار، مسجلًا صعودًا بنسبة 9% في النصف الأول من العام – وهو أقوى أداء له منذ 2016.
وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسية، إلى 96.612 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ شباط 2022.
ويواجه المستثمرون حالة من عدم اليقين بسبب النقاشات في مجلس الشيوخ الأميركي حول مشروع قانون ترامب لخفض الضرائب والإنفاق، والذي أثار انقسامًا حزبيًا بسبب توقعات بارتفاع الدين العام الأميركي بمقدار 3.3 تريليون دولار. هذه المخاوف دفعت المستثمرين إلى إعادة توزيع استثماراتهم وتنويعها.
وانخفض الدولار بأكثر من 10% خلال النصف الأول من العام الحالي.
وفي هذا السياق، قال ناثان هاميلتون، المحلل في شركة “أبردين للاستثمار”:
“في عام 2025، بدأت فكرة الاستثنائية الأميركية تُثار حولها التساؤلات. فقد تراجعت شهية المستثمرين الأجانب لمزادات سندات الخزانة، ما أثار القلق بشأن التمويل الأميركي.”
في غضون ذلك، واصل ترامب انتقاده لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، معترضًا على نهجه في تيسير السياسة النقدية. وذكرت مصادر أنه أرسل لرئيس المجلس جيروم باول قائمة بأسعار الفائدة حول العالم، مرفقة بتعليقات مكتوبة بخط يده تطالب بتخفيض سعر الفائدة إلى ما بين 0.5% (كما هو في اليابان) و1.75% (كما في الدنمارك).
وقد أثارت هذه الانتقادات تساؤلات حول استقلالية ومصداقية البنك المركزي، خاصة بعد دعوة ترامب لباول الأسبوع الماضي لتقديم استقالته – رغم عدم امتلاكه الصلاحية القانونية لعزله بسبب اختلاف في التوجهات النقدية.
ويُنتظر أن يدلي باول بتصريحات مهمة خلال مشاركته، إلى جانب عدد من رؤساء البنوك المركزية، في منتدى البنك المركزي الأوروبي في البرتغال اليوم الثلاثاء.
من جهة أخرى، عدل بنك جولدمان ساكس توقعاته بشأن السياسة النقدية، مرجحًا أن يقوم مجلس الاحتياطي بثلاث تخفيضات لأسعار الفائدة خلال العام الجاري، بمقدار ربع نقطة مئوية لكل منها، بدلاً من توقع سابق بتخفيض واحد فقط في كانون الأول.
أما تقرير الوظائف غير الزراعية، المنتظر صدوره يوم الخميس، فمن المتوقع أن يُظهر إضافة نحو 110 آلاف وظيفة جديدة في حزيران، مقارنة بـ139 ألف وظيفة في مايو، وفقًا لاستطلاع أجرته رويترز. ويُتوقع كذلك ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3% من 4.2%.
وبينما يقترب الموعد النهائي لتعليق الرسوم الجمركية في التاسع من آب، يتابع المستثمرون بحذر مسار المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، رغم عدم التوصل إلى اتفاقيات رئيسية حتى الآن.