بينما تتسابق الشركات التقنية العملاقة لتطوير الجيل التالي من أنظمة الذكاء الاصطناعي، يواجه قادة هذا القطاع تحدياً غير متوقع: نقص الطاقة الكهربائية.
اعترف كل من سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، وساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، بعدم معرفة كمية الطاقة اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي في المستقبل، في وقت بدأت فيه الطلبات على الكهرباء تتجاوز قدرات المرافق الأميركية على التوليد.
وفي حديثه ببودكاست “BG2″، قال ناديلا إن مايكروسوفت تواجه “مشكلة تخمة في المعالجات مقابل نقص في الطاقة”، موضحاً: “لدينا شرائح جاهزة، لكن لا توجد مبانٍ مؤهلة أو طاقة كافية لتشغيلها. المشكلة ليست في المعروض من الرقائق، بل في القدرة على بناء مراكز البيانات بسرعة كافية بالقرب من مصادر الطاقة”.
الذكاء الاصطناعي يستهلك أكثر من المتوقع
على مدى أكثر من عقد، ظل الطلب على الكهرباء في الولايات المتحدة مستقراً، لكن خلال السنوات الخمس الأخيرة تضاعف استهلاك مراكز البيانات بشكل كبير، ما دفع بعض الشركات للاعتماد على أنظمة توليد مستقلة لتخفيف الضغط على الشبكة الوطنية.
وحذر ألتمان من أن أي ظهور لمصدر طاقة رخيص على نطاق واسع قد يؤدي إلى خسائر للشركات التي أبرمت عقوداً طويلة بأسعار مرتفعة، مضيفاً: “نشهد انخفاضاً مذهلاً في تكلفة الذكاء الحسابي بمعدل يصل إلى 40 ضعفاً سنوياً، وهو تحدٍ هائل للبنية التحتية المطلوبة”.
رهان على الطاقة النووية والشمسية
يضع ألتمان رهانه على مشاريع نووية وشمسية ناشئة، تشمل شركات مثل “Oklo” و”Helion” للطاقة النووية، و”Exowatt” للطاقة الشمسية المركزة. لكن معظم هذه التقنيات ما زالت في مراحل تجريبية، في حين تحتاج محطات الغاز الطبيعي لسنوات لإنشائها وتشغيلها.
وتتجه شركات مثل مايكروسوفت وأوبن إيه آي إلى الطاقة الشمسية لما تتمتع به من تكلفة منخفضة وسرعة في التنفيذ وخلوّها من الانبعاثات. ويشير الخبراء إلى أن التشابه بين صناعة الألواح الشمسية وأشباه الموصلات، من حيث استخدام السيليكون وقابلية التوسع، جعل الطاقة الشمسية خياراً مفضلاً لشركات التقنية.
الطلب لا يتوقف
رغم المخاوف، يرى ألتمان أن أي انخفاض في تكلفة الحوسبة سيزيد الطلب بشكل أكبر، مستشهداً بـ “مفارقة جيفونز” التي تقول إن زيادة كفاءة استخدام مورد ما تؤدي إلى استهلاكه أكثر. وقال: “لو انخفض سعر الحوسبة مئة ضعف غداً، سيزداد استخدامها أكثر من مئة مرة، لأن هناك الكثير مما يمكن فعله اليوم لكنه غير مجدٍ اقتصادياً عند الأسعار الحالية”.
في سباق التطور التكنولوجي والقدرة الطاقوية، يبدو أن التحدي المقبل للذكاء الاصطناعي لن يكون في سرعة المعالجات، بل في من يملك الكهرباء الكافية لتشغيلها.