شهدت التفضيلات الغذائية العالمية تحولًا نحو الخيارات الواعية بالقيمة الغذائية، مما غذى سوق الأغذية الوظيفية التي تقدم فوائد صحية تتجاوز التغذية الأساسية. من بين هذه المنتجات الطبيعية يبرز السمسم الأسود، الذي انتقل من المطابخ الآسيوية التقليدية إلى متاجر العافية الحديثة بفضل غناه بالمركبات النشطة بيولوجيًا مثل الأحماض الدهنية والليغنان والبوليفينول.
ما هي بذور السمسم الأسود؟
لقرون أشاد الطب الصيني التقليدي بالسمسم الأسود لقدرته على تعزيز حيوية الشعر ودعم وظائف الكبد والكلى وتغذية الدم وتعزيز صحة الجهاز الهضمي. بذور السمسم الأسود صغيرة ومسطحة وبيضاوية الشكل تتميز بلونها الأسود الداكن ونكهتها الغنية التي تشبه نكهة الجوز. تزرع بذور السمسم الأسود بشكل رئيسي في الصين والهند وباكستان وتنزانيا والسودان وغالبًا ما تُضاف إلى أطباق آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا.
القيمة الغذائية للسمسم الأسود
تُعدّ بذور السمسم الأسود مصدرًا غنيًا بالبروتين والدهون والمعادن والصبغة السوداء. هذه البذور غنية بالكربوهيدرات وفيتامين “هـ” القابل للذوبان في الدهون وعناصر أخرى مفيدة لصحة القلب وتُنظم عملية الأيض وتدعم وظائف الخلايا. تحتوي ملعقتان كبيرتان من بذور السمسم الأسود على ما يقارب 3 إلى 4 جرامات من الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة والمتعددة غير المشبعة وكلاهما يُعدّان من الدهون الصحية. كما أنها غنية بالبروتين والألياف بالإضافة إلى العديد من المعادن بما في ذلك الكالسيوم والمغنيسيوم والفوسفور والنحاس والزنك والحديد. مقارنة ببذور السمسم الأبيض تحتوي بذور السمسم الأسود على تركيز أعلى من المركبات الفينولية والعناصر الغذائية الأساسية بما في ذلك الكالسيوم والحديد والمغنيسيوم كما أنها غنية بفيتامينات B1 وB6 وE.
ادعاءات صحية وأدلة علمية
تشير الأبحاث إلى أن بذور السمسم الأسود يمكن أن تعزز نمو الشعر وتقلل من الشيب وتقوي العظام وتُحسّن مرونة الجلد وتُعزز احتباس الرطوبة. تساهم بذور السمسم الأسود أيضًا في تحسين صحة القلب عن طريق خفض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول مع توفير فوائد وقائية للكبد والكلى.
تحسين صحة القلب: ترتبط الليغنانات الموجودة في السمسم الأسود بانخفاض مستويات الكوليسترول الكلي والبروتين الدهني منخفض الكثافة والدهون الثلاثية وكلها عوامل تُقلل في الوقت نفسه من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. أفادت دراسة أجريت عام 2012 أنه من بين 38 شخصًا يعانون من ارتفاع نسبة الدهون في الدم والذين تناولوا 40 جرامًا من بذور السمسم المقشرة يوميًا لمدة شهرين لوحظ انخفاض بنسبة 10% في مستويات الكوليسترول الضار وانخفاض بنسبة 8% في مستويات الدهون الثلاثية مقارنة بالمجموعة التي تناولت الدواء الوهمي. علاوة على ذلك أجريت مراجعة منهجية لآثار أظهرت 5 من أصل 7 دراسات سريرية تحسنًا ملحوظًا في ضغط الدم.
نشاط مضاد للأكسدة ومضاد للالتهابات: تشير التجارب على الحيوانات والدراسات البشرية إلى أن تناول بذور السمسم قد يزيد من مستويات مضادات الأكسدة في الدم. وفي دراسة حديثة استمرت 8 أسابيع حسّنت الفئران التي تناولت 1-2 مليمتر/كيلوجرام من بذور السمسم الأسود يوميًا مقاومة الأنسولين عن طريق خفض مستويات الجلوكوز والأنسولين في المصل بالإضافة إلى تقليل التهاب الكبد وتراكم الدهون. وتم الإبلاغ عن نتائج مماثلة في تجربة سريرية حيث أظهر 30 فردًا تناولوا كبسولات تحتوي على 2.5 جرام من بذور السمسم الأسود يوميًا لمدة 4 أسابيع انخفاضًا كبيرًا في مستويات مالونديالدهيد وهو مؤشر شائع للإجهاد التأكسدي. وفي مجموعة أخرى من مرضى الكلى أدّى تناول 18 جرامًا من بذور الكتان مع 6 جرامات من بذور اليقطين والسمسم يوميًا لمدة 3 أشهر إلى خفض مؤشرات الالتهاب بنسبة 51-79%.
الشعر والبشرة: توصي الأدلة القصصية وأدبيات الطب الصيني التقليدي باستخدام السمسم الأسود للوقاية من شيب الشعر وتحسين لون البشرة إلا أن الأدلة العلمية على هذه الادعاءات لا تزال محدودة. وأفادت دراسة أجريت عام 2011 أن زيت السمسم يمكن أن يمنع امتصاص ما يصل إلى 30% من الأشعة فوق البنفسجية التي تسبب حروق الشمس والتجاعيد وشيخوخة الجلد المبكرة. ووجدت دراسة أخرى أجريت على 40 شخصًا عولجوا في قسم الطوارئ بسبب إصابات أن تدليك الأطراف المصابة بزيت السمسم خفف الألم بشكل ملحوظ. والأهم من ذلك أن هذه الدراسات أجريت على مجموعات صغيرة من المرضى ما يستلزم إجراء تجارب سريرية طويلة الأمد إضافية للتحقق من صحة النتائج.