في تحذير مزدوج من كارثتين إنسانية وقضائية، أعربت المحكمة الجنائية الدولية عن وجود “أسباب وجيهة للاعتقاد” بأن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تُرتكب حالياً في إقليم دارفور غربي السودان، في وقت كشفت فيه الأمم المتحدة عن ارتفاع صادم في حالات سوء التغذية بين الأطفال نتيجة الحرب المشتعلة.
وفي كلمة أمام مجلس الأمن، قالت نزهت شميم خان، نائبة المدعي العام للمحكمة الجنائية، إن التحقيقات المستقلة التي أجراها مكتبها تُظهر استمرار ارتكاب الفظائع، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي واستهداف المستشفيات والقوافل الإنسانية، وسط تفاقم المجاعة وغياب تام للمساعدات.
وفي موازاة ذلك، حذّرت منظمة اليونيسف من أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم في ولاية شمال دارفور تضاعف مقارنةً بالعام الماضي، حيث جرى علاج أكثر من 40 ألف طفل خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025. وبلغت النسبة في مدينة الفاشر وحدها نحو 40% من الأطفال دون سن الخامسة، بينهم 11% في وضع حرج.
وقالت اليونيسف إن نسب سوء التغذية شهدت قفزات غير مسبوقة في مناطق أخرى أيضاً:
أكثر من 70% في شمال كردفان
174% في العاصمة الخرطوم
700% في ولاية الجزيرة
ويأتي ذلك في ظل استمرار الحرب الدامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، والتي خلّفت عشرات آلاف القتلى، وهجّرت ما يفوق 14 مليون شخص داخل السودان وخارجه.
في السياق القضائي، أعلنت المحكمة الجنائية أن الحكم في قضية علي كوشيب – أحد أبرز المتهمين بجرائم دارفور قبل عشرين عاماً – سيصدر قريباً، مؤكدةً أن هذا الحكم لن يكون الأخير، بل “خطوة أولى نحو مساءلة حقيقية لمن يعتقدون أنهم فوق القانون”.
في دارفور، لا يبدو أن الحرب وحدها هي العدو، بل الجوع، والمرض، والإفلات من العقاب أيضًا، في مشهد تُحذّر فيه المنظمات الدولية من أن “الأسوأ لم يأتِ بعد”.