كتبت بولين فاضل في الأنباء الكويتية:
أعطونا استقرارا مستداما وخذوا سياحا»، عبارة يرددها جميع العاملين في القطاع السياحي في لبنان ولاسيما المتضررين من غياب الاستقرار، وأولهم الأدلة السياحيون الذين هجر 60% منهم المهنة منذ العام 2019، فيما بقي من بقي واستعان البعض الآخر بمهنة ثانية موازية لمهنتهم الأصلية.
هذا القطاع الذي لا تعكر صفوه لا الأزمات السياسية ولا الأزمات الاقتصادية التي عرفها ويعرفها لبنان، تكفيه انتكاسة أمنية من هنا أو مجرد تلويح بالحرب من هناك ليتلقى ضربة تجعله لا يلتقط أنفاسه من جديد.
وإذا كان ثمة من يرفع الصوت من حين لآخر داعيا إلى تسويق لبنان في الخارج وإعادته إلى الخارطة السياحية من خلال مشاركته في المعارض السياحية العالمية، وأبرزها معرض في برلين وآخر في باريس، فإن ثمة رأيا آخر يقول إن لبنان لا يحتاج إلى من يسوق له، بل كل ما يحتاجه هو الأمن لتنتظم أوضاعه السياحية من تلقاء نفسها، فيعود السياح الخليجيون بقوة اليه ومن بعدهم الأوروبيون والأميركيون والآسيويون، وحينها ستمتلئ جداول الأدلة السياحيين بالمواعيد وسيختلف المشهد السياحي برمته.
وتقييما لحالة هذا القطاع، تحدث لـ «الأنباء» نقيب الأدلة السياحيين جان-كلود حواط، فقال: «الحالة بالويل لأن عملنا يتركز على مجموعات من السياح الأجانب وعلى البعض من المغتربين اللبنانيين، خصوصا في الفترة الممتدة من منتصف يونيو حتى نهاية أغسطس، ولسوء الحظ أن السياح لم يأتوا، كما أن المغتربين المقيمين في القارات البعيدة مثل أستراليا وكندا لم يأتوا بالعدد المنتظر. إلى ذلك، إضراب موظفي الإدارة العامة في فترة من الفترات والذي شمل أيضا الموظفين في المناطق الأثرية أثر بدوره على نشاطنا».
وتوقف النقيب حواط عند وضع المتحف الوطني في بيروت الذي يستقطب الكثير من الزوار، فكشف عن كتاب رفعته النقابة إلى وزارة الثقافة بعد ورود شكاوى من زوار متحف بيروت الوطني من الأجانب والمغتربين بشأن عدم تشغيل مكيف الهواء داخل المتحف بذريعة عدم توافر مادة المازوت، وهذا ما أدى إلى اختصار الزوار لجولتهم في الداخل بسبب الحر الشديد.
وإضافة إلى أزمة الفراغ في مهنة تعيش على ايقاع السياح، أتى دخلاء ومنتحلو صفة ليعيثوا تشويها وأذى بمهنة تحتاج ممن يريد ممارستها تخصصا أكاديميا وإذنا بمزاولة المهنة من وزارة السياحة ودورات تدريبية متواصلة.
وفي هذا الإطار، حذر النقيب حواط من «الاستعانة بأشخاص يدعون أنهم أدلة وبس بيعرفوا كلمتين، فيما هم غير مرخصين ولا يحملون بطاقة وزارة السياحة»، مؤكدا أن «النقابة تطالب دوما وزارة السياحة بتطبيق القانون وملاحقة هؤلاء».
وأضاف: «في كل المواقع الأثرية والسياحية التابعة لوزارتي الثقافة والسياحة لا يحق سوى للمرشد السياحي الدخول اليها، لا أن يقوم سائق باصطحاب سياح من الفندق، فيكون السائق والدليل ومكتب السفر لهم. ولكن مع الأسف، عديد الشرطة السياحية لا يزال قليلا لمحاسبة المخالفين، علما بأنه في التسعينيات كان الشرطي يوقف باصا سياحيا ويصعد اليه للتأكد من أن الدليل السياحي يحمل بطاقة، وإلا ينال ضبط مخالفة هو ومكتب السفر».
من الآن وحتى أكتوبر المقبل، يأمل الأدلة السياحيون أن تستقر الأوضاع الأمنية نهائيا لإدراج لبنان من جديد على الكتيبات الخاصة بالسياحة للعام 2026، وإلا لن تشهد أماكن سياحية مثل بعلبك وبيروت وجبيل وصور وطرابلس وبيت الدين ودير القمر سياحا أوروبيين سواء من فرنسا أو المانيا أوإيطاليا أو إسبانيا أو غيرها من الدول. ولكن ماذا عن السائح الإنكليزي والأميركي والآسيوي؟ يجيب النقيب حواط: «مجرد أن يأتي الأميركي، يتبعه الإنكليزي. أما السائح الكوري والياباني والصيني، فجرت العادة في التسعينيات أن يزور في جولة سياحية واحدة بلدانا ثلاثة مجاورة هي الأردن وسورية ولبنان، وكل الأمل أن يستقر لبنان ومعه سورية لنعيد للسياحة أيام عزها».