يُقبل ملايين الأشخاص حول العالم على ممارسة الغطس في الماء البارد، أو ما يُعرف بـ”حمامات الثلج”، بهدف تقليل التوتر، تحسين المزاج، وتسريع تعافي العضلات. كما تُسوّق هذه العادة على أنها وسيلة فعالة لحرق الدهون والمساعدة في إنقاص الوزن. لكن دراسة حديثة قلبت هذه الفرضية رأساً على عقب، مشيرة إلى أن الماء البارد قد يزيد شهيتك بشكل خفي.
في دراسة أجرتها جامعة كوفنتري البريطانية، طُلب من المشاركين الجلوس لمدة 30 دقيقة في أحواض مياه بدرجات حرارة مختلفة: 16، و26، و35 درجة مئوية. ثم قُدمت لهم وجبة مفتوحة من المعكرونة. المفاجأة كانت أن المشاركين الذين جلسوا في الماء الأبرد تناولوا سعرات حرارية أكثر من غيرهم، بزيادة وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من 200 سعرة.
وأوضحت الباحثة المشرفة على الدراسة، ماري غريغ، أن انخفاض حرارة الجسم بعد الغطس قد يكون المحفز الرئيس للشهية، مشيرة إلى الحاجة لمزيد من الأبحاث لتحديد الآلية الدقيقة لهذه الاستجابة.
من جانبها، فسّرت المدربة الشخصية ناتاليا أليكسيينكو هذه الظاهرة بأن الجسم، أثناء محاولته الحفاظ على حرارته، يفعّل عملية الأيض، لكن بعد الخروج من الماء تنخفض الحرارة الداخلية، مما يطلق استجابة جوع قوية، حتى لو لم يشعر الشخص بها فوراً.
وأضافت أن هذا الجوع المفاجئ قد يدفع البعض إلى تناول أطعمة عالية السعرات وسريعة الامتصاص، مما يُضعف من فعالية الغطس في تقليل الدهون، بل وقد يؤدي إلى العكس.
ولتفادي هذه الآثار، توصي أليكسيينكو بتناول وجبات مغذية ومنخفضة السعرات بعد الغطس، مثل البطاطا الحلوة، الكينوا، البيض، السمك، والخضراوات الورقية، بالإضافة إلى مشروبات دافئة تساعد في تدفئة الجسم داخلياً.
وليس هذا هو التحذير الوحيد المتعلق بحمامات الثلج، إذ نبهت خبيرة اللياقة روندا باتريك إلى أن الغطس في الماء البارد بعد تمارين المقاومة (مثل رفع الأثقال) قد يعوق نمو العضلات، لأنه يقلل إنتاج البروتينات اللازمة لإصلاح الأنسجة العضلية.
أما على الجانب الإيجابي، فقد أظهرت دراسة كندية حديثة أن الغطس المنتظم في الماء البارد قد يساعد على خفض الالتهابات ويبطئ الشيخوخة البيولوجية، حيث رُصد انخفاض في مؤشرات تلف الخلايا لدى رجال مارسوا الغطس البارد لمدة ساعة يومياً على مدار أسبوع.
ومع كل هذه الفوائد والمخاطر، ينبه الأطباء إلى أن الغمر المفاجئ في الماء البارد قد يسبب صدمة للجسم، تؤدي إلى فرط التنفس أو حتى سكتة قلبية، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية أو ضعف في الجهاز التنفسي.
وبينما تبقى فوائد الغطس البارد محل بحث وتقييم، يبدو أن هذه الممارسة تحتاج إلى وعي وتخطيط، لا مجرد اندفاع وراء الصيحات الصحية.