صورة تعبيرية

لطالما نصح الأطباء بتقليل تناول الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الكوليسترول، مثل اللحوم الحمراء والبيض، انطلاقاً من الاعتقاد الشائع بأنها ترفع مستويات الكوليسترول الضار (LDL)، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

الكوليسترول هو مادة دهنية طبيعية تدخل في تركيب خلايا الجسم وتساعد على إنتاج بعض الفيتامينات والهرمونات، منها الإستروجين والتستوستيرون. وهو يأتي بنوعين أساسيين: الكوليسترول الضار (LDL) الذي يمكن أن يتراكم على جدران الشرايين مسبباً انسدادها، والكوليسترول الجيد (HDL) الذي يساهم في التخلص من هذا التراكم عن طريق نقله إلى الكبد.

في الآونة الأخيرة، بدأ المجتمع الطبي بإعادة النظر في الفرضية التقليدية التي تربط مباشرة بين ارتفاع LDL وأمراض القلب. وأظهرت دراسات جديدة أن المشكلة قد لا تكمن في ارتفاع الكوليسترول الضار فقط، بل أيضاً في انخفاض مستويات الكوليسترول الجيد بشكل مقلق.

من بين الحالات التي أثارت الجدل، تجربة تابعها الدكتور نيك نورويتس، المتخصص في اضطرابات التمثيل الغذائي، حيث كانت مريضته تعاني من مستويات مرتفعة جداً من LDL، لكنها لم تُظهر أي علامات لأمراض القلب أو انسداد الشرايين، وكانت في حالة صحية جيدة.

تجربة هذه المريضة دفعت نورويتس للمشاركة في دراسة موسعة شملت 100 شخص يتبعون نظاماً غذائياً كيتونياً، وهو نظام منخفض الكربوهيدرات وغني بالدهون، غالباً ما كان يُنتقد بسبب احتمال رفعه للكوليسترول. لكن النتائج جاءت معاكسة للتوقعات، حيث أظهرت الدراسة تحسناً ملحوظاً في مؤشرات الصحة الأيضية، وارتفاع الكوليسترول الجيد، وتراجعاً في مؤشرات الالتهاب، دون أي دلائل على تراكم ترسبات في الشرايين.

كما تبين أن أجسام هؤلاء الأشخاص تنتج جزيئات LDL كبيرة الحجم وعائمة، وهي أقل قابلية للالتصاق بجدران الشرايين، وبالتالي أقل ارتباطاً بأمراض القلب. ولم يكن المشاركون بحاجة إلى تناول أدوية خفض الكوليسترول من نوع “الستاتينات”، التي يتناولها ملايين الأشخاص حول العالم.

خلصت الدراسة إلى أن مستويات LDL وحدها لا تشكل معيارًا دقيقًا لتقييم خطر الإصابة بأمراض القلب، وأن التقييم يجب أن يأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى مثل الوراثة، وضغط الدم، والوزن، ومستوى النشاط البدني.

وقال نورويتس: “لطالما تمحور التفكير الطبي حول أرقام يمكن قياسها وأدوية يسهل تسويقها، بينما تم تجاهل الصورة الكاملة للصحة الأيضية. ما نحتاجه هو تغيير في النهج، وليس فقط في الأدوية”.

البحث