تقترب قضية احتجاج نادي النصر السعودي على مشاركة حارس مرمى العروبة، رافع الرويلي، من دخول شهرها الثالث، دون أن تُحسم بعد نهائياً، رغم مرورها بثلاث مراحل قضائية، بدءاً من لجنة الانضباط، مروراً بلجنة الاستئناف، ووصولاً إلى مركز التحكيم الرياضي السعودي الذي ينظر حالياً في الطعن الأخير.
يُعد «مركز التحكيم الرياضي» أعلى جهة قضائية رياضية في السعودية، ويعمل تحت إشراف اللجنة الأولمبية السعودية، التي تُعتبر الجهة العليا والحصرية للفصل في المنازعات الرياضية عبر التحكيم أو الوساطة.
بدأت القضية في 28 فبراير الماضي حين تقدم النصر باحتجاج رسمي على قانونية مشاركة رافع الرويلي في مباراة الفريقين ضمن منافسات الدوري السعودي، مطالباً بمنح نقاط المباراة التي خسرها النصر، مستنداً إلى عدم استيفاء اللاعب للشروط النظامية للتسجيل.
رفضت لجنة الانضباط الاحتجاج، فقدم النصر استئنافاً رُفض أيضاً، ما دفع النادي إلى تصعيد القضية إلى مركز التحكيم، الذي لم يصدر حكمه حتى الآن رغم اقتراب نهاية الموسم، مما أثار تساؤلات حول طول فترة التقاضي وتأثيرها المحتمل على تحديد مراكز التأهل لدوري أبطال آسيا أو حتى الهبوط، إذا سُحبت النقاط من العروبة.
هذا التأخير يفتح نقاشاً واسعاً داخل الوسط الرياضي السعودي حول طول مدد البت في القضايا ذات الحساسية الكبيرة، خصوصاً المتعلقة بترتيب المنافسات، وسط دعوات لتحديد سقف زمني واضح للفصل في مثل هذه القضايا.
المسار القانوني والمتطلبات الزمنية تبدو طبيعية وفق اللوائح الحالية، بدءاً من تسجيل الاعتراض، مروراً بمدة تقديم الاحتجاج، والفترة التي تحتاجها لجنة الانضباط، ثم إمكان الطعن في قراراتها.
لكن السؤال المطروح: هل حان الوقت لتعديل التشريعات لتسريع البت في القضايا التي تؤثر بشكل مباشر على ترتيب المسابقات، لا سيما في مراحل الحسم، كما هو الحال مع قضية النصر واحتجاجه على مشاركة الرويلي، وقبلها احتجاج الوحدة على تأخر وصول النصر لمباراتهما في 25 فبراير، والتي استغرقت عدة مراحل من الرفض والقبول قبل صدور قرار نهائي؟
قضايا مثل النصر والعروبة، والوحدة والنصر ليست استثناءً؛ إذ شهدت الرياضة السعودية قضايا مشابهة استغرقت مددًا طويلة، منها قضية محمد كنو في 2022 التي استمرت أكثر من 5 أشهر، وقضية الوحدة في 2011 التي وصلت إلى محكمة التحكيم الرياضية الدولية، وقضية احتجاج الطائي في 2023 التي استغرقت قرابة شهرين.
ولا يقتصر هذا التحدي على السعودية، إذ شهدت أوروبا قضايا طويلة الأمد مثل قضية مانشستر سيتي بشأن قواعد اللعب المالي النظيف، وقضية برشلونة المتعلقة بشبهات فساد تحكيمي التي لا تزال قيد البحث، وقضية اللاعب لاسانا ديارا مع الفيفا التي استمرت عدة سنوات.
رغم أن القضايا الرياضية جزء لا يتجزأ من المنظومة القانونية، إلا أن القضايا المؤثرة على ترتيب البطولات تتطلب سرعة في الحسم لتجنب تأثير التأخير على المنافسة، وفتح الباب لتدخل أطراف جديدة.
بما أن البطولات الرياضية تحسم في لحظات، يبدو ضرورياً أن تكون العدالة الرياضية بنفس سرعة الحدث، حتى لا يتحول القانون إلى عائق يضر بالمنافسة نفسها.