مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان في سوريا  رامي عبد الرحمن

في ظل الأحداث العنيفة التي شهدتها منطقة الساحل السوري، يواجه المرصد السوري لحقوق الإنسان ضغوطًا غير مسبوقة، وصلت إلى حد التهديدات بالقتل، كما أكد مديره رامي عبد الرحمن.

وتبدو هذه التهديدات في إطار محاولات من أطراف قوية لـ”إخفاء الحقائق ومنع توثيق المجازر” التي راح ضحيتها مئات المدنيين في واحدة من أسوأ موجات العنف منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.

وصف عبد الرحمن الحملة الموجهة ضد المرصد بأنها “أشرس” من أي وقت مضى، مشيرًا إلى أنهم سبق وتعرضوا لتهديدات من إيران ونظام الأسد وتنظيم داعش وميليشيا حزب الله وجبهة النصرة حين كانت تسيطر على إدلب. وأضاف أن الهجوم الحالي يتسم بالطابع المنهجي والمنظم، حيث تجاوز التهديدات الفردية ليصبح حملة موسعة تهدف إلى تشويه الحقائق وإرهاب كل من يحاول كشف الحقيقة.

وأشار عبد الرحمن إلى أن “من يتعاونون مع المرصد داخل سوريا يعيشون حالة رعب حقيقية، حيث يمكن لأي شخص أن يصبح هدفًا للتصفية الجسدية في ظل الفوضى، مع وجود تهمة جاهزة تقول إن فلول النظام السابق هم من نفذوا الاغتيالات”.

وأوضح عبد الرحمن أن المرصد تعرض لضغوط هائلة، وصلت إلى محاولة “إبعاده عن بعض القنوات العربية الكبرى”، بهدف “حرمان الضحايا من صوتهم الحقيقي ومنع نقل معاناتهم للعالم”. وكشف عن أن “فرقًا أمنية سيبرانية” يعتقد أنها تعمل من إحدى الدول العربية، متورطة في حملة إعلامية مضللة تهدف إلى “تشويه الحقائق حول المجزرة التي وقعت في منطقة الساحل”.

وحسب المعلومات التي حصل عليها المرصد، فإن هذه الفرق تلقت دعمًا من السلطات السورية، واستخدمت تقنيات حديثة للتلاعب بالمحتوى الرقمي، مثل تصميم فيديوهات مزيفة وإنشاء حسابات وهمية واختراق منصات إلكترونية لترويج سردية مشوهة عن الأحداث.

رغم هذه الهجمات، أكد عبد الرحمن أن المرصد واصل توثيق “المجزرة” التي وقعت في 7 مارس، والتي أسفرت عن إعدام 1557 مدنيًا من الطائفة العلوية. كما جمع المرصد “فيديوهات وتسجيلات توثق تورط عناصر أمنية” في المجازر التي وقعت في بانياس وريف اللاذقية، وقام بنشرها عبر وسائل الإعلام الدولية لمواجهة محاولات التلاعب بالمعلومات.

كما تواصل المرصد مع أهالي الضحايا ونشر شهاداتهم، مما ساعد في كشف الأكاذيب ومنع تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلاً.

في ظل هذه الظروف، طالب عبد الرحمن بضرورة فتح تحقيق دولي مستقل بقيادة خبراء في الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية لضمان محاسبة المسؤولين عن المجازر. وأكد أن “الإفلات من العقاب سيؤدي إلى مزيد من الجرائم”، محذرًا من أن استمرار العنف الطائفي في المناطق ذات الغالبية العلوية قد يؤدي إلى تهديد السلم الأهلي في سوريا.

وفي مواجهة الهجمات الإلكترونية وحملات التشويه، دعا عبد الرحمن الجهات المسؤولة عن الهجمات إلى “توجيه جهودها وأموالها نحو منع المزيد من المجازر بدلاً من استخدام هذه الموارد لإسكات الأصوات الحقوقية وترهيب الناشطين”. وأكد أن “الهجمات الإلكترونية والتلاعب بالحقائق لن تنجح في إخفاء حجم الفظائع التي ارتُكبت”، مهما كانت حملات التشويه.

البحث