متسوقون يشترون المكسرات المجففة بإحدى الأسواق في كراتشي

أظهرت نتائج دراسة حديثة نُشرت في مجلة «حوليات الطب الباطني» عدم وجود ارتباط بين استهلاك المكسرات والبذور والذرة وزيادة احتمالية الإصابة بالتهاب الرتج لدى النساء.

يُعرف التهاب الرتج بأنه حالة تحدث نتيجة التهاب الجيوب الصغيرة التي تتكون في جدار القولون، ويصاحبها أعراض مثل آلام البطن، وارتفاع درجة الحرارة، وتغيرات في طبيعة حركة الأمعاء.

وتتعارض نتائج هذه الدراسة مع الاعتقاد الشائع بأن الأطعمة الصلبة الصغيرة يمكن أن تتسبب في التهاب الرتج أو إلحاق الضرر بجدار الأمعاء الضعيف لدى الأشخاص المصابين بهذه الحالة. كما أنها تعزز نتائج دراسة سابقة كانت مقتصرة على الرجال.

وأوضحت الدكتورة آن بيري، أستاذة بجامعة نورث كارولينا والمؤلفة الرئيسية للدراسة، في تصريح لموقع «هيلث»: «لم تجد دراسة وحيدة نُشرت في مجلة (جاما) عام 2008 أي صلة بين تناول هذه الأطعمة وتطور التهاب الرتج لدى الرجال. وعلى الرغم من أن العديد من الأطباء لم يعودوا يوصون بتجنب هذه الأطعمة، إلا أن العديد من المرضى الذين لديهم تاريخ من التهاب الرتج ما زالوا يحدون من تناولها في نظامهم الغذائي.»

دور المكسرات والبذور في التهاب الرتج:

لطالما كان تجنب الأطعمة الصلبة الصغيرة، مثل المكسرات، من النصائح الغذائية الأساسية للأفراد المصابين بالتهاب الرتج.

وقالت الدكتورة سانديا شوكلا، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى أتلانتيك كوست بنيوجيرسي لموقع «هيلث»: «تاريخيًا، كانت أطعمة مثل المكسرات والبذور والذرة تعتبر مشكلة بسبب الاعتقاد بأن هذه الجزيئات الصلبة الصغيرة يمكن أن تستقر في الرتوج، مما يؤدي إلى الالتهاب أو العدوى.» إلا أن أدلة حديثة، مثل دراسة عام 2008، نفت هذه الفكرة بالنسبة للرجال. وقد سعت بيري وزملاؤها لتحديد ما إذا كان هذا الأمر ينطبق على النساء أيضًا.

قام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 29 ألف امرأة تتراوح أعمارهن بين 35 و74 عامًا. وقد أكملت المشاركات استبيانات مفصلة حول عاداتهن الغذائية من عام 2003 إلى عام 2009، ثم كل سنتين إلى ثلاث سنوات حتى عام 2022.

باستخدام التحليل الإحصائي، توصل الباحثون إلى أن النساء اللاتي تناولن أطعمة مثل المكسرات والبذور والفواكه التي تحتوي على البذور، حتى بكميات كبيرة، لم يكن لديهن خطر أعلى للإصابة بالتهاب الرتج مقارنة بالنساء اللاتي تناولن هذه الأطعمة بكميات أقل. كما لم يجد البحث أي صلة بين تناول هذه الأطعمة والحاجة إلى إجراء عملية جراحية أو دخول المستشفى بسبب التهاب الرتج.

ومع ذلك، أشارت الدراسة إلى بعض القيود، حيث اعتمد الباحثون على تقارير النساء عن إصابتهن بالتهاب الرتج أو الرتوج. ونظرًا لأن الرتج غالبًا لا يسبب أعراضًا، فقد تم إغفال بعض الحالات، مما يجعل تفسير النتائج أكثر تعقيدًا. بالإضافة إلى ذلك، أقر الباحثون بأن دراستهم كانت قائمة على الملاحظة الارتباطية وليست السببية، وأن عوامل أخرى غير معروفة قد تكون أثرت على النتائج.

ما الذي يزيد بالفعل من خطر الإصابة بالتهاب الرتج؟

كشفت دراسة حديثة أن النساء المصابات بالتهاب الرتج كنّ إما مدخنات حاليًا أو سابقًا، ويتناولن الكحول بكميات كبيرة، ولديهن مؤشر كتلة جسم يشير إلى زيادة الوزن أو السمنة، مقارنة بالنساء غير المصابات بالتهاب الرتج.

بالإضافة إلى ذلك، وجدت الدراسة أن النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث واللاتي يستخدمن العلاج الهرموني لديهن خطر متزايد للإصابة.

وأضافت شوكلا: «يرتبط النظام الغذائي الغربي، الذي يتميز بالاستهلاك المفرط للحوم الحمراء والأطعمة المصنعة ومنتجات الألبان عالية الدسم، بارتفاع خطر الإصابة. وأكدت مراجعة لثماني دراسات أُجريت عام 2021 أن الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية غربية غنية باللحوم الحمراء كانوا أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الرتج.»

اتباع نظام غذائي صحي لالتهاب الرتج:

درس الباحثون أيضًا تأثير أربعة أنظمة غذائية صحية – حمية البحر الأبيض المتوسط، ونظام DASH الغذائي، ومؤشر الأكل الصحي لعام 2015، ومؤشر الأكل الصحي البديل لعام 2010 – على خطر الإصابة بالتهاب الرتج، ووجدوا أن جميعها تقلل من هذا الخطر.

وأوضحت كيم كولب، أخصائية التغذية العلاجية وصاحبة مركز «جت هيلث كونكيشن»، لموقع «هيلث»: «لقد ثبت أن أنماط النظام الغذائي مثل حمية البحر الأبيض المتوسط، التي تشمل مجموعة متنوعة من الأطعمة النباتية، تقلل من خطر الإصابة بالتهاب الرتج.»

وتابعت: «إن تناول كميات كبيرة من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والمكسرات والبذور والبقوليات مفيد لميكروبات الأمعاء النافعة التي تحمي بطانة الأمعاء من الالتهابات التي يمكن أن تؤدي إلى التهاب الرتج.»

في الواقع، وجدت بعض الأبحاث أن صحة ميكروبيوم الأمعاء هي مؤشر قوي على احتمالية إصابة الأفراد بمرض الرتج. ولأن الألياف عنصر أساسي في الحفاظ على صحة الميكروبيوم، أشارت كولب إلى أن زيادة تناول هذه المغذيات أفضل لتقليل خطر الإصابة بالتهاب الرتج.

من الضروري اتباع تعليمات الطبيب فيما يتعلق بمشاكل الجهاز الهضمي. واختتمت كولب: «نظرًا لأن الذرة والمكسرات والبذور تحتوي على الألياف ولم يثبت أنها تسبب المزيد من التهاب الرتوج، فيجب تضمين هذه الأطعمة وعدم تجنبها.»

البحث