عندما يقول الطفل “أشعر بالملل”، يميل كثير من الآباء إلى التدخل مباشرة وابتكار نشاط له على الفور. ومع ذلك، يؤكد علماء النفس والتربويون أن الملل ليس مشكلة بل هو جزء طبيعي ومهم من نمو الطفل، ويعد مهارة أساسية مثل أي مهارة أخرى، وفقًا لصحيفة Conversation.
يؤدي الملل وظيفة مفيدة، إذ يشير إلى الحاجة لتغيير شيء ما، سواء البيئة المحيطة، النشاط الحالي، أو دائرة التواصل، كما يحفز الطفل على وضع أهداف جديدة واستكشاف أفكار مبتكرة. ومع ذلك، غالبًا ما يحاول الآباء حماية أطفالهم من هذا الشعور بسبب ضيق الوقت، أو الرغبة في تقديم الأفضل، أو القلق بشأن نجاحاتهم. ويسهل الوصول إلى الأجهزة الإلكترونية إغراق الطفل بالترفيه السريع كبديل عن تجربة الملل.
وأشارت دراسات، من بينها أبحاث أستاذ كلية “كينيدي” بجامعة هارفارد آرثر بروكس، إلى أن الملل ضروري للتأمل وتنمية الصفات الشخصية، بما في ذلك:
- تنمية الاستقلالية: عندما يقرر الطفل بنفسه ما الذي سيفعله، يتعلم التخطيط ووضع الأهداف وإدارة وقته.
- تحفيز الإبداع: عدم تلقي تسلية جاهزة يدفع العقل للبحث عن مخرجات مبتكرة ويوقظ الفضول الطبيعي.
- تعليم التعامل مع المشاعر: تجربة الانزعاج البسيط بدون الهروب منه مهارة حياتية مهمة.
- إتاحة وقت للتأمل: في لحظات الهدوء، يطرح الطفل أسئلة مهمة عن الذات والعالم.
ويحذر الخبراء من أن الأطفال الذين نادراً ما يشعرون بالملل قد يكبرون ليصبحوا بالغين غير قادرين على التعامل مع هذا الشعور.
كيف يمكن مساعدة الطفل على التعامل مع الملل؟
- الاعتراف بالملل كأمر طبيعي: قل له: “أحيانًا نشعر بالملل، لكنه سيمر وستجد شيئًا لتفعله.”
- تقديم أفكار بدل الحلول الجاهزة: يمكن إعداد “صندوق أفكار” يحتوي على بطاقات لأنشطة بسيطة، أو منح الأطفال الأكبر سنًا فرصة المبادرة.
- خلق “مساحة للملل”: خصص وقتًا قصيرًا بدون دروس أو ألعاب، ودع الطفل يشعر بالملل لمدة 5–10 دقائق كبداية.
- تقديم مثال شخصي: يمكن للآباء الجلوس بهدوء، مراقبة الطبيعة، أو التأمل معهم.
ويشير الخبراء إلى أن السماح للأطفال بتجربة الملل بشكل مدروس لا يساعدهم فحسب، بل يخفف من توتر الآباء أيضًا.