نصف اليمنيين مهددون بالمجاعة في ظل انتهاكات الحوثيين العمل الإنساني وتراجع واردات القمح

تتسارع مؤشرات الأزمة الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية، مع تصاعد المخاوف من مجاعة تهدد نصف سكان اليمن. يأتي ذلك في وقت حساس مع تصعيد الجماعة ضد المنظمات الإغاثية وتراجع واردات الغذاء عبر موانئ البحر الأحمر، بالإضافة إلى إعلان أكبر شركة مطاحن في تلك المناطق توقفها عن العمل بسبب نفاد مخزون القمح.

وأفادت مصادر تجارية في صنعاء بأن شركة “المحسن”، المالكة لمطاحن البحر الأحمر، توقفت عن العمل منذ يومين بعد نفاد مخزون القمح، محذرة من شلل تام في إمدادات السوق المحلية. وأضافت المصادر أن وزارة الاقتصاد في حكومة الحوثيين رفضت السماح بدخول شحنة قمح جديدة، رغم مناشدات الشركة المتكررة، مما يهدد بانقطاع الطحين من الأسواق.

وفي رسالة وجهتها إدارة “مطاحن البحر الأحمر” إلى القائم بأعمال وزير الاقتصاد الحوثي، سام البشيري، أكدت الشركة أنها كانت قد حذرت من نفاد المخزون وطالبت بإدخال شحنة جديدة من القمح بشكل عاجل، معربة عن اعتذارها عن “عدم القدرة على تلبية الطلبات المحددة للمحافظات”. وذكرت المصادر أن رفض الحوثيين لإدخال شحنات جديدة من القمح قد يرتبط بسياسة الجماعة التي تمنع استيراد الدقيق في إطار ما تسميه “تحقيق الاكتفاء الذاتي”، رغم أن الإنتاج المحلي لا يغطي سوى 4% فقط من حاجة السوق.

منذ عام 2017، استأجر رجل الأعمال الحوثي أحمد الهادي “مطاحن البحر الأحمر” في محافظة الحديدة، وأصبح أحد أبرز المقربين من زعيم الجماعة. وقد استغل الهادي موقعه للسيطرة على معظم شحنات القمح التي كان “برنامج الأغذية العالمي” يستوردها، ليعيد تعبئتها وتوزيعها في الأسواق، مما أدى إلى تهميش شركات المطاحن التقليدية في اليمن.

وفي هذا السياق، كشف تقرير صادر عن “برنامج الأغذية العالمي” عن انخفاض حاد في واردات الغذاء والوقود إلى موانئ البحر الأحمر الخاضعة للحوثيين، بنسبة 22.4%، بسبب الأضرار التي لحقت ببنيتها التحتية جراء الغارات الإسرائيلية والأميركية. كما أشار التقرير إلى أن إجمالي واردات المواد الغذائية قد تراجعت بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي، محذرًا من أن استمرار الهجمات على الموانئ قد يعرض تدفقات الإمدادات الغذائية للخطر.

وفيما يتعلق بالوجود الأممي، فقد خفضت الأمم المتحدة عدد موظفيها الأجانب في مناطق الحوثيين إلى أدنى مستوى له منذ عقود، وذلك عقب اعتقال 53 موظفًا يمنيًا واقتحام مجمع سكني أممي في صنعاء. ووفقًا لما ذكره المتحدث باسم المنسق المقيم للأمم المتحدة، فإن 12 موظفًا أمميًا غادروا صنعاء، بينما لا يزال 53 موظفًا محليًا رهن الاحتجاز التعسفي لدى الحوثيين.

منظمات إنسانية حذرت من أن استمرار القيود الحوثية وتراجع الواردات الغذائية قد يؤدي إلى مجاعة شاملة في المناطق الخاضعة للجماعة، حيث تتدهور الأوضاع المعيشية بشكل سريع، ما يهدد حياة الملايين من المدنيين الذين يعانون بالفعل من نقص حاد في الغذاء والموارد الأساسية.

البحث