توضيحية

مع تقدم العمر، قد تلاحظ بعض التغيرات الجسدية التي تتجسد بشكل واضح في العمود الفقري، خاصة تلك التغيرات التي تظهر على شكل انحناء في الجزء العلوي من الظهر. لكن، ما قد يجهله البعض هو أن هذا الانحناء ليس مجرد علامة من علامات الشيخوخة، بل هو نتيجة لعوامل نمط الحياة الحديث، مثل الساعات الطويلة التي نقضيها في الجلوس أمام شاشات الهواتف أو في المكاتب.

فرط الحداب: أكثر من مجرد ظاهرة شيخوخة

العمود الفقري السليم يتسم بانحناءات طبيعية على شكل حرف “S”. لكن عندما يزداد الانحناء في الجزء العلوي من الظهر (الحداب الصدري) عن 40 درجة، فإننا نكون أمام حالة طبية تُعرف بفرط الحداب. هذه الحالة لم تعد مقتصرة على كبار السن كما كان يُعتقد سابقاً، بل أصبحت تؤثر على فئات عمرية أصغر أيضاً. وفقاً للإحصائيات الحديثة، يظهر 40% من الأشخاص في منتصف العمر علامات مبكرة على هذه المشكلة.

التكنولوجيا والعمل المكتبي: أعداء الظهر السليم

عوامل نمط الحياة الحديثة هي السبب الرئيسي وراء هذا التغير في بنية العمود الفقري. فالساعات الطويلة التي نقضيها منحنين على هواتفنا الذكية أو الجلوس لفترات طويلة أمام الحواسيب، تُسهم بشكل كبير في الضغط على العمود الفقري، مما يؤدي إلى اختلالات عضلية تسبب الانحناء التدريجي للظهر. على سبيل المثال، ظاهرة “عنق الهاتف” (Text Neck) تنتج عن الانحناء المستمر للرأس للأمام عند النظر إلى الهواتف الذكية، وهو ما يضع ضغطاً يعادل 27 كيلوغراماً على فقرات الرقبة.

الوقاية والعلاج: بداية الحلول المبكرة

لحسن الحظ، هناك حلول فعّالة لتقليل هذا الانحناء أو حتى إصلاحه. إذا تم اكتشاف المشكلة مبكراً، يمكن تصحيح “حداب الوضعية” الناتج عن العادات اليومية السيئة بنسبة كبيرة. كل ما يتطلبه الأمر هو التزام بتمارين بسيطة لا تتجاوز 15 دقيقة يومياً، والتي تركز على تقوية عضلات الظهر العلوية وتحسين مرونة الصدر.

من بين الحلول البسيطة أيضاً:

  • تعديل وضعية الجلوس بحيث تكون الشاشة في مستوى العين.
  • أخذ فترات راحة قصيرة كل نصف ساعة للقيام ببعض التمددات.
  • استخدام تمارين تقوية مثل اليوغا أو البيلاتس لتحسين التوازن والوضعية.

الحلول لكبار السن: تجنب الكسور وتحسين العظام

بالنسبة لكبار السن، يصبح الانحناء نتيجة لتغيرات هيكلية في العمود الفقري، مثل الكسور الانضغاطية الصغيرة التي تحدث بسبب هشاشة العظام. هذه الكسور قد تحدث دون ألم واضح، لكنها تؤدي تدريجياً إلى زيادة الانحناء. علاوة على ذلك، قد تؤثر هذه التغيرات على وظائف التنفس والهضم.

لحسن الحظ، يمكن الوقاية من هذه المشاكل عن طريق:

  • التغذية السليمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين د.
  • ممارسة تمارين المقاومة لتقوية العضلات الداعمة للعمود الفقري.
  • إجراء الفحوصات الدورية بعد سن الأربعين للكشف المبكر عن أي علامات لهشاشة العظام.

أهمية الوقاية في منتصف العمر

الدكتور أحمد عبد الرحمن، أستاذ جراحة العظام، يؤكد أن الحفاظ على الظهر المستقيم ليس رفاهية بل ضرورة للحفاظ على وظائف الجسم الحيوية. البدء في منتصف العمر ببرنامج وقائي قد يساعد كثيراً في تجنب الألم والمعاناة لاحقاً.

خلاصة: الوقاية خير من العلاج

إن الانحناء التدريجي للظهر قد لا يكون مجرد سمة شيخوخة، بل هو نتيجة لعادات حياتية يمكن تعديلها بسهولة. بالالتزام ببعض العادات اليومية البسيطة، مثل تقوية العضلات وتحسين الوضعية، يمكن تجنب آلام الظهر المزمنة وتحسين جودة الحياة بشكل عام.

البحث