بركان يلوستون العملاق

يعد بركان يلوستون العملاق، الذي يقع تحت متنزه يلوستون الوطني في ولاية وايومنغ الأميركية، تهديدًا كبيرًا قد يتسبب في دمار هائل في حال ثار مجددًا.

تكون هذا البركان قبل أكثر من 640 ألف عام، وهو يحتوي على مخزون هائل من الصهارة التي يمكن أن تُحدث ثورانًا بقوة تفوق ثوران بركان كراكاتوا (الذي وقع عام 1883 في إندونيسيا) بأكثر من 100 مرة. رغم عدم حدوث ثوران بهذا الحجم في التاريخ البشري، إلا أن العلماء يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة سيناريو حدوثه وتوقع تأثيراته المدمرة.

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن ثوران يلوستون سيبدأ بانفجار هائل يعادل 875 ألف ميغا طن من مادة “تي إن تي”، أي ما يعادل أكثر من 100 ضعف قوة جميع القنابل النووية التي أُسقطت في التاريخ. سينتج عن هذا الانفجار حفرة واسعة قد تودي بحياة حوالي 90 ألف شخص على الفور.

بعد الانفجار الأولي، ستتدفق الحمم البركانية لمسافة تصل إلى 64 كم، لكن التهديد الأكبر سيكون من تدفق تيارات كثيفة من الرماد والصخور والغازات الحارقة بسرعة تصل إلى مئات الأمتار في الثانية، ما سيدمر كل شيء في طريقها.

بحسب الخبراء، فإن المدن الواقعة ضمن نطاق 80 كم من يلوستون، مثل ويست يلوستون، ستُدمّر بالكامل، تمامًا كما حدث في بومبي خلال ثوران جبل فيزوف في إيطاليا. لن يقتصر تأثير البركان على المنطقة القريبة فقط، إذ ستؤدي الانفجارات إلى انبعاث كميات ضخمة من الرماد البركاني إلى الغلاف الجوي، مما سيتسبب في سقوط الرماد على معظم أنحاء الولايات المتحدة. وسيؤثر الثوران بقوة على كل دول العالم لمدة سنوات.

علاوة على الرماد، ستتسرب كميات هائلة من ثاني أكسيد الكبريت إلى الغلاف الجوي، مما سيؤدي إلى حجب أشعة الشمس وانخفاض درجات الحرارة عالميًا. يتوقع العلماء أن يصل التبريد إلى حوالي 5 درجات مئوية لمدة سنوات، وقد يصل إلى 10 درجات مئوية في السنة الأولى بعد الثوران.

تشير بعض الدراسات إلى أن هذا التبريد قد يؤدي إلى “شتاء بركاني” عالمي مماثل لما حدث بعد ثوران بركان تامبورا عام 1815، والذي تسبب في “عام بلا صيف” في أوروبا وأدى إلى مجاعات واسعة.

في ظل عالم مترابط يعتمد على سلاسل التوريد العالمية، قد يكون للاضطرابات الكبرى في إنتاج الغذاء في أميركا الشمالية آثار اقتصادية وسياسية كارثية على مستوى العالم. رغم السيناريوهات الكارثية التي يطرحها العلماء، لا توجد أدلة قاطعة على أن يلوستون على وشك الثوران قريبًا. ومع ذلك، يواصل الجيولوجيون مراقبته بعناية لرصد أي أنشطة غير طبيعية.

البحث