كثّفت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية ضغوطها على شركتي “أبل” و”غوغل”، في خطوة تصعيدية تهدف إلى ضبط هيمنتهما على سوق الهواتف المحمولة في البلاد. فقد أعلنت الهيئة أنها بصدد تصنيف الشركتين بوصفهما تمتلكان “وضعاً سوقياً استراتيجياً” (SMS)، ما يمنحها صلاحيات إضافية لفرض تغييرات صارمة على ممارسات الشركتين.
هذا التصنيف يُمنح للشركات التي تُعتبر ذات نفوذ راسخ وأهمية استراتيجية في القطاع الرقمي، ويخوّل الهيئة أن تُرغمها على تعديل أو وقف سلوكياتها التي تعرقل المنافسة. ويأتي ذلك بعد تحقيق انطلق في يناير الماضي، ركّز على ثلاث محاور أساسية: أنظمة التشغيل، متاجر التطبيقات، ومتصفحات الإنترنت الخاصة بالشركتين.
التحقيق البريطاني يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت “أبل” و”غوغل” تضعان عراقيل أمام المنافسين في ما يتعلق بإطلاق تطبيقات وخدمات بديلة على منصتي iOS وأندرويد. كما يتطرق إلى شبهات باستغلال الموقع الاحتكاري لتفضيل خدمات الشركتين، إضافة إلى فرض شروط مجحفة على المطورين.
وتشير الأرقام إلى أن نظام أندرويد من “غوغل” يهيمن على نحو 61% من سوق المملكة المتحدة، مقابل أكثر من 38% لنظام iOS من “أبل”. تدير “غوغل” متجر “غوغل بلاي” ومتصفح “كروم”، فيما تدير “أبل” متجر التطبيقات ومتصفح “سفاري”.
هذه التحقيقات تأتي بالتوازي مع ضغوط أوروبية مماثلة. ففي أبريل الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي غرامة بقيمة 500 مليون يورو على “أبل” لمخالفتها قانون الأسواق الرقمية، وأجبرها على تعديل سياستها، كالسماح للمطورين بإرشاد المستخدمين إلى وسائل دفع بديلة.
ورغم ذلك، لم تُرضِ هذه التعديلات الجهات التنظيمية، ما دفع “أبل” للكشف عن نظام جديد ومعقد لرسوم المتجر، وهي بصدد استئناف الغرامة.
من جهتها، تواجه شركة “غوغل” اتهامات أوروبية بعدم الامتثال لاتفاقية سوق البيانات، وتُتهم بمنح خدماتها الأفضلية على حساب منافسيها، إلى جانب منع المطورين من توجيه المستخدمين لعروض خارجية أفضل، ما قد يكلّفها غرامة تصل إلى 4.1 مليار يورو.
في ظل هذه التحديات، يبدو أن مرحلة جديدة من المواجهة بين عمالقة التكنولوجيا والجهات التنظيمية قد بدأت، عنوانها: كسر الاحتكار وحماية التنافسية الرقمية.