وسط تزايد المخاوف بشأن مدى استعدادها لأي صراع محتمل، تقوم بريطانيا بسرية بتحديث خطط طوارئ عمرها 20 عامًا للاستعداد لهجوم عسكري مباشر محتمل من روسيا، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “تلغراف”.
وقد طُلب من المسؤولين تحديث هذه الخطط، التي من شأنها وضع المملكة المتحدة في حالة تأهب قصوى للحرب، وذلك في أعقاب تهديدات متكررة من الكرملين على مدار الأشهر الماضية بشن هجوم.
ويُفترض أن تحدد وثيقة سرية كيفية استعداد بريطانيا، بما في ذلك إنشاء ملاجئ آمنة لحماية مجلس الوزراء والعائلة المالكة، وإعداد بث إذاعي وتلفزيوني عام في زمن الحرب، وتخزين الموارد الأساسية.
ووفقًا لـ”تلغراف”، يخشى وزراء بريطانيون من أن روسيا وحلفاءها قد يتفوقون على بريطانيا في أي مواجهة عسكرية، بل إن لندن قد تفشل حتى في تحقيق الاستعدادات الدفاعية الكافية، حسب تقييماتهم.
وقد هدد مسؤولون في الكرملين مرارًا وتكرارًا بشن هجوم مباشر على بريطانيا بسبب دعمها القوي لأوكرانيا، والذي قد يشمل قريبًا نشر قوات بريطانية على الأراضي الأوكرانية. وقد أطلقت روسيا أول تهديد من هذا النوع في السادس من مايو 2024، ردًا على تصريحات وزير الخارجية البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون، الذي أكد حق أوكرانيا في استخدام الأسلحة التي زودتها بها لندن لضرب أهداف داخل روسيا.
ثم كررت روسيا تهديدها بضرب أهداف بريطانية إذا استخدمت أوكرانيا الأسلحة البريطانية لاستهداف مناطق روسية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في مايو من العام الماضي إن موسكو سترد في هذه الحالة بضرب أهداف بريطانية داخل أوكرانيا وخارجها.
وقد حذر خبراء من أن المملكة المتحدة معرضة بشكل خاص لهجوم على بنيتها التحتية الوطنية الحيوية، بما في ذلك محطات الغاز والكابلات البحرية ومحطات الطاقة النووية ومراكز النقل.
وذكرت “تلغراف” أن تحديثًا لخطة الدفاع الوطني السرية سيحدد استراتيجية لما بعد أي هجوم مباشر على الأراضي البريطانية من قبل دولة أجنبية معادية. وستشمل الخطة سيناريوهات تتعرض فيها بريطانيا لضربات صاروخية تقليدية أو برؤوس نووية أو لعمليات سيبرانية واسعة النطاق، وهي تهديدات كانت أقل بروزًا عند آخر تحديث كبير للخطة قبل عام 2005.
وستوجه الخطة، التي أعدتها مديرية المرونة في مكتب مجلس الوزراء، رئيس الوزراء وكبار المسؤولين حول كيفية إدارة الحكومة في زمن الحرب، وتحديد متى يجب عليهم اللجوء إلى مخبأ في “داوننغ ستريت” أو في مواقع أخرى خارج لندن. ومن المتوقع دراسة جميع الاستراتيجيات المتعلقة بشبكات السكك الحديدية والطرق والمحاكم والنظام البريدي وخطوط الهاتف، لكن من غير المرجح نشر الوثيقة للعامة.
ووفقًا للصحيفة البريطانية، فقد وضع مجلس الوزراء بالفعل نموذجًا لسيناريو محتمل تشن فيه دولة معادية هجمات صاروخية وسيبرانية على البنية التحتية الوطنية.
وقد خلص تقييم للمخاطر نُشر في يناير الماضي إلى أن أي هجوم ناجح على بريطانيا “من المرجح أن يسفر عن وفيات بين المدنيين وأفراد خدمات الطوارئ”، وأن يتسبب في أضرار اقتصادية جسيمة وتعطيل الخدمات الأساسية.
كما دعا مسؤولون دفاعيون بريطانيا إلى تطوير نموذج خاص بها من نظام “القبة الحديدية”، على غرار النظام الإسرائيلي، لحمايتها من الهجمات الصاروخية المحتملة. وفي أبريل الماضي، كشف مسؤول كبير في سلاح الجو الملكي البريطاني أنه لو وقعت الليلة الأولى من الصراع في أوكرانيا في المملكة المتحدة، لكانت الصواريخ الروسية اخترقت الدفاعات البريطانية ودمرت أهدافًا حيوية للبنية التحتية.
وتقول روسيا والصين وإيران إنها طورت صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويمكنها الانطلاق بسرعة تصل إلى 10 أضعاف سرعة الصوت، ومراوغة الدفاعات بسهولة أكبر من الصواريخ الباليستية التقليدية.
ويشعر المسؤولون البريطانيون، حسب “تلغراف”، بقلق خاص إزاء محطات الغاز ومحطات الطاقة النووية الخمس العاملة في البلاد، والتي قد تطلق مواد مشعة في حال تعرضها لهجوم، وتسبب “آثارًا أمنية وصحية وبيئية واقتصادية طويلة الأمد”، وفقًا لتقييم صادر عن الحكومة البريطانية. وقد أعدت الحكومة البريطانية أيضًا نموذجًا لاحتمالات وتأثيرات هجوم صاروخي نووي على المملكة المتحدة، لكن الاستنتاجات الرسمية لهذه المراجعة لا تزال سرية.