الفقر والتشرد في بريطانيا

جاء في التلغراف:

أوضح الخبراء أنه بعد مرور 15 عامًا من الركود المستمر وتراجع مستويات المعيشة، لم تعد المملكة المتحدة تُعتبر دولة غنية، بل إن بعض المناطق فيها أصبحت في حالة أسوأ من دول مثل سلوفينيا وليتوانيا.

وأشار المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (NIESR) إلى أن النمو الاقتصادي والإنتاجية في المملكة المتحدة تأخرا مقارنة بالعديد من الدول الأخرى منذ الأزمة المالية، ودعا الحكومة إلى رفع الحد الذي يبدأ عنده فرض ضريبة الدخل على العمال في محاولة لتحسين الأداء الاقتصادي.

وقال ماكس موسلي، الاقتصادي في المعهد، إن العامل البريطاني العادي كان ليحصل على 4000 جنيه إسترليني إضافية سنويًا لو أن نمو الإنتاجية والأجور في المملكة المتحدة كان مماثلاً لذلك في الولايات المتحدة.

وأضاف موسلي: “لقد أثر الركود الاقتصادي المستمر على مكانة المملكة المتحدة كدولة ذات مستوى معيشي مرتفع. مزيج من ضعف نمو الإنتاجية، مما أدى إلى زيادة شبه معدومة في الأجور الحقيقية، وتخفيضات في الرفاهية، أدى إلى وضع حيث لا يوجد ازدهار من خلال الأجور المرتفعة ولا استقرار من خلال الرفاهية”.

وأوضح موسلي أن “أفقر الناس في بلادنا أصبحوا الآن في وضع أسوأ من نظرائهم في دول كانت تعتبر أقل ثراء، وهذا يعد إدانة صارخة للنموذج الاجتماعي والاقتصادي في المملكة المتحدة”.

وتساءل موسلي: “هل ما زالت بريطانيا دولة غنية؟” مشيرًا إلى أن هذا السؤال، الذي كان من السهل الإجابة عليه لعقود، أصبح الآن أكثر غموضًا.

وأظهرت الدراسة أن بعض المناطق في برمنغهام وشمال شرق إنجلترا أصبحت في وضع أسوأ من أفقر المناطق في دول مثل سلوفينيا وليتوانيا، حيث شهدت دول كانت جزءًا من الكتلة الشرقية تحسنًا ملحوظًا في ظروفها الاقتصادية.

وأضافت مجموعة التفكير أن مستويات المعيشة في سلوفينيا أصبحت تقريبًا على نفس مستوى المعيشة في بريطانيا، في مؤشر قوي على تراجع الاقتصاد البريطاني.

كما أظهرت البيانات أن الأرباح الحقيقية في المملكة المتحدة ارتفعت بأقل من 3% منذ عام 2019 بعد حساب التضخم، بينما ارتفعت بنسبة 6.6% فقط منذ عام 2007. في المقابل، ارتفعت الأرباح الحقيقية بنسبة 20% بين عامي 2000 و2007.

من جانبه، أشار أدريان بابست، نائب مدير المعهد، إلى أن الوضع أسوأ بالنسبة للأشخاص في المناطق الأقل ثراء، مع “انخفاض حاد في مستويات معيشة أفقر 40% من المجتمع”. وأضاف أن “مهمة الحكومة في تعزيز الاقتصاد ليست مجرد أرقام، بل تتعلق بتحسين مستويات المعيشة في جميع أنحاء البلاد”، مشددًا على أهمية زيادة الاستثمار العام بما يساعد على زيادة الإنتاجية والنمو المستدام في الأجور الحقيقية.

واقترح بابست أن يشمل ذلك تخفيضات ضريبية، وأكد أن الحكومة يجب أن تعيد النظر في قرار تأجيل رفع حد ضريبة الدخل الشخصي إلى عام 2028، موضحًا أن بعد أكثر من 15 عامًا من الركود في الأجور الحقيقية، يحتاج العمال إلى تحسين ملموس في مستويات معيشتهم خلال هذا البرلمان.

واقترح المعهد أيضًا إنهاء حد “الطفل الثاني” للمزايا كأكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة لمكافحة الفقر، بالإضافة إلى تعزيز الإنتاجية من خلال تقليص الحواجز أمام البناء عبر إصلاح نظام التخطيط.

ومع ذلك، قد يكون تمويل هذه التغييرات صعبًا. فإلغاء حد الطفل الثاني سيكلف الحكومة 2 مليار جنيه إسترليني سنويًا، بينما توفير “ضمان أساسيات” لمطالبي المزايا سيكلف 7 مليارات جنيه إسترليني، ورفع بدل ضريبة الدخل الشخصي سيكلف أكثر من 10 مليارات جنيه إسترليني.

البحث