بعد عام على سقوط النظام السوري السابق وهروب بشار الأسد إلى موسكو في 8 ديسمبر 2024، يبدو أن الرئيس المخلوع بدأ يتأقلم مع حياته في المنفى، خلافًا لشقيقه ماهر الذي ما زال يعيش صدمة فقدان السلطة.
وكشف تحقيق موسع لوكالة رويترز، استند إلى وثائق مالية وسجلات عمليات ومراسلات نصية وصوتية ومقابلات مع 48 شخصاً مطلعين على الملف، أن بشار الأسد سلّم بالأمر الواقع وقبل بالعيش خارج سوريا، بينما لا يزال أفراد نافذون في دائرته يرفضون سقوط النظام.
محاولات لإعادة بناء نفوذ عسكري
وأوضحت مصادر مطلعة أن اثنين من أبرز رجال الأسد السابقين—اللواء كمال حسن ورجل الأعمال رامي مخلوف—يحاولان تشكيل ميليشيات جديدة في الساحل السوري ولبنان، تضم أكثر من 50 ألف مقاتل من الطائفة العلوية، أملاً في استعادة نفوذهم السابق.
وفي المقابل، لا يزال ماهر الأسد، المقيم في موسكو، يحتفظ بولاء آلاف الجنود السابقين، لكنه لم يمول أو يأمر بأي تحرك حتى الآن. ومع ذلك، يعمل حسن ومخلوف على السيطرة على شبكة مكونة من 14 غرفة قيادة تحت الأرض شيّدت خلال حكم الأسد، إضافة إلى مخازن أسلحة في الساحل السوري.
ويواصل اللواء حسن، الذي شغل رئاسة المخابرات العسكرية سابقاً، إرسال رسائل غاضبة ومكالمات مستمرة لمستشارين وقيادات، يعبر فيها عن استيائه من فقدان نفوذه ويطرح خططاً للسيطرة على الساحل السوري—المعقل التقليدي للطائفة العلوية.
صراع نفوذ في المنفى
وأشار التقرير إلى أن بشار وماهر يحاولان من موسكو صياغة مشهد لسوريا مجزّأة، يسعى كل منهما من خلاله لكسب السيطرة على المناطق ذات الأغلبية العلوية، عبر تمويل تشكيلات عسكرية جديدة.
تحرك مضاد من الحكومة السورية الجديدة
وللتصدي لهذه التحركات، استعانت الحكومة السورية الجديدة بخالد الأحمد، وهو أحد المقربين السابقين من الأسد، وصديق طفولة للرئيس الحالي أحمد الشرع. وبعد أن كان قائداً لقوات شبه عسكرية في عهد الأسد، انشق الأحمد عنه خلال الحرب.
وتتمثل مهمته اليوم في إقناع العلويين—مدنيين وعسكريين سابقين—بالانخراط في الدولة الجديدة، مؤكداً في بيان مقتضب أن “التعافي وقطع جذور الكراهية الطائفية وتكريم الضحايا هو الطريق الوحيد لسوريا قابلة للشفاء”.
تضاؤل فرص التمرد
وفي السياق ذاته، قال محافظ طرطوس أحمد الشامي إن السلطات على علم بهذه التحركات، لكن قدرات الشبكات التي يحاول حسن ومخلوف تفعيلها تراجعت كثيراً. وأشار إلى أن عدد المقاتلين المحتملين لا يتجاوز “عشرات الآلاف”، مؤكداً أن إمكاناتهم الضعيفة تمنعهم من تنفيذ أي خطة جدية.
ويرى محللون أن فرص نجاح أي “انتفاضة” مضادة ضعيفة للغاية، نظراً للخلافات بين حسن ومخلوف، وتراجع الدعم الروسي، وفقدان الثقة بهم بين كثير من العلويين الذين عانوا بدورهم خلال حكم الأسد.