بعد التصريحات المفاجئة التي أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة وتهجير نحو مليوني فلسطيني إلى دول مجاورة، تعمل مصر على تطوير خطة لإعادة إعمار القطاع دون فرض مغادرته على سكانه.
وتشمل الخطة المصرية إنشاء “مناطق آمنة” داخل غزة تكون بمثابة أماكن إيواء مؤقتة للفلسطينيين، بينما تقوم شركات مصرية ودولية بإزالة الأنقاض وإعادة تأهيل البنية التحتية للقطاع.
كما ينص المقترح على تشكيل إدارة فلسطينية محايدة بعيدًا عن حماس أو السلطة الفلسطينية للإشراف على جهود إعادة الإعمار، إلى جانب تشكيل قوة شرطة فلسطينية تضم عناصر من الشرطة السابقة التي تبعت السلطة الفلسطينية، مع تعزيزها بقوات مدربة من مصر والغرب.
وتتضمن الخطة المصرية إعادة إعمار القطاع عبر ثلاث مراحل تمتد لخمسة أعوام، دون إجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة. في البداية، سيتم إنشاء ثلاث “مناطق آمنة” في القطاع لفترة إنعاش أولية تمتد لستة أشهر، بحيث تُجهز هذه المناطق بمنازل متنقلة وملاجئ مع تدفق المساعدات الإنسانية.
كما ستشارك أكثر من 20 شركة مصرية ودولية في إزالة الأنقاض وإعادة بناء البنية التحتية، ما سيوفر فرص عمل لآلاف من سكان غزة.
وفيما يخص نشر قوة عربية في غزة، أكد مسؤولون مصريون ودبلوماسيون عرب أن الدول العربية لن توافق على ذلك إلا إذا كان هناك “مسار واضح” لإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وتستمر مصر في مناقشة الخطة مع دبلوماسيين أوروبيين وسعوديين وقطريين وإماراتيين، كما تبحث سبل تمويل إعادة الإعمار، بما في ذلك إمكانية عقد مؤتمر دولي لذلك.
وقد عقدت مصر والسعودية وقطر والإمارات والأردن اجتماعات لمناقشة الاقتراح المصري في الرياض هذا الأسبوع، قبل عرضه على القمة العربية في وقت لاحق من الشهر. في المقابل، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي دور لحماس أو السلطة الفلسطينية في حكم غزة، رغم أنه لم يطرح بديلاً واضحًا. من جهتها، أعلنت حماس استعدادها للتخلي عن السلطة في غزة، وقال المتحدث باسم الحركة إنها مستعدة لقبول حكومة وحدة فلسطينية أو لجنة من التكنوقراط لإدارة القطاع. بينما ترفض السلطة الفلسطينية أي خطط تستثنيها من الإدارة.
ونأتي هذه المبادرة في وقت حساس، حيث يقترب موعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في بداية مارس، بينما لا تزال المفاوضات جارية بين إسرائيل وحماس بشأن المرحلة الثانية التي تشمل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، ووقف الحرب على المدى الطويل. سيكون من المستحيل تنفيذ أي خطة لإعادة الإعمار دون الاتفاق على المرحلة الثانية، بما في ذلك تحديد من سيحكم غزة على المدى البعيد.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحرب على غزة دمرت نحو ربع مليون وحدة سكنية، بالإضافة إلى تدمير أو تضرر أكثر من 90% من الطرقات و80% من المنشآت الصحية. وقد قدرت الأضرار بالبنية التحتية بنحو 30 مليار دولار، إلى جانب الأضرار في قطاع الإسكان التي تقدر بنحو 16 مليار دولار.