أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الأربعاء عن تعهد جماعة الحوثي بوقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر، وهو ما أعقبه إعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحوثيين والولايات المتحدة، تم بوساطة عمانية. يأتي هذا في وقت كان يترقب فيه العديد من المراقبين توقيع اتفاق مع إيران بشأن المفاوضات النووية، خاصة بعد أن توقفت هذه المفاوضات في وقت سابق من هذا العام.
التوقيت كان لافتًا، إذ جاء قبل يوم من إعلان ترمب، حيث كانت طهران تحتفل بهجوم الحوثيين على مطار “بن غوريون” في تل أبيب، بينما كانت المفاوضات مع الأمريكيين تراوح مكانها بعد ثلاث جولات غير مثمرة. فهل يعني هذا أن إيران قد فقدت إحدى أوراقها التفاوضية الأساسية، أم أنها قد قدمت تنازلاً على أحد جبهاتها الإقليمية استعدادًا لاستئناف المحادثات مع واشنطن؟
وفي الوقت الذي أكد فيه ترمب أن الحوثيين تعهدوا بوقف الهجمات في البحر الأحمر، قالت مصادر دبلوماسية إن الاتفاق جاء بعد مفاوضات طويلة بين الولايات المتحدة والحوثيين، بمساعدة عمانية. الوزير العماني بدر البوسعيدي أشاد بالاتفاق الذي يضمن حرية الملاحة في البحر الأحمر.
من جهة أخرى، علّق علي شمخاني، عضو المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، على الهجوم على مطار تل أبيب قائلاً إنه جاء في وقت كانت فيه “جبهة المقاومة” قد أظهرت قوتها الاستراتيجية، مؤكداً أن هذه الجبهة كانت قد بدأت بالفعل في توجيه رسائل قوية على كافة الأصعدة. صحيفة “كيهان” الإيرانية قالت إن هذه الهجمات يمكن أن تعزز موقف إيران في المفاوضات مع واشنطن، معتبرة أنها تظهر قدرة إيران وحلفائها في المنطقة على الرد الحاسم.
ومع ذلك، أثيرت تساؤلات حول ما إذا كان وقف الهجمات في البحر الأحمر يمثل خسارة لإيران أم مجرد خطوة تكتيكية لتحسين موقفها في المفاوضات، خاصة وأن إيران كانت قد أكدت في وقت سابق أن الجماعات المسلحة في المنطقة تعمل بشكل مستقل عن طهران. في هذا السياق، قال محمد عبد السلام، القيادي الحوثي، إن وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة لا يشمل العمليات ضد إسرائيل.
ترحيب إيران بوقف الهجمات كان مصحوبًا بمؤشرات على أنها قد تكون مستعدة لاستئناف المفاوضات بشكل مباشر مع واشنطن بشأن القضايا النووية. في هذا السياق، نقلت الصحافة الإسرائيلية عن عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، اقتراحه بإجراء مفاوضات مباشرة مع الأمريكيين حول الملف النووي، وهو ما يُعتبر تغيرًا ملحوظًا في موقف إيران.
وبالتزامن مع هذه التطورات، ظهرت تقارير عن أن هناك “صفقة” قد تكون قيد الإعداد بين واشنطن وطهران، تتضمن إعادة دمج إيران في الاقتصاد العالمي مقابل ضمانات بعدم السعي للحصول على سلاح نووي. نائب الرئيس الأمريكي، جي. دي. فانس، أشار إلى أن المفاوضات الأمريكية مع إيران قد تسير في اتجاه إيجابي، وأن اتفاقًا قد يتضمن إعادة دمج إيران في الاقتصاد العالمي دون السماح لها بامتلاك سلاح نووي.
وفي النهاية، فإن هذه التطورات قد تكون بداية لمرحلة جديدة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، ولكن تبقى أسئلة كثيرة حول ما إذا كان هذا التنازل الإيراني في البحر الأحمر سيعزز موقفها التفاوضي أو يضعف أوراقها في صراع النفوذ الإقليمي.