حققت مصر طفرة غير مسبوقة في علاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية خلال عام 2024، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بنسبة 16% ليبلغ 30.5 مليار دولار، مقارنة بـ26 ملياراً في عام 2023، بدفعٍ قوي من الاستثمارات الضخمة وعلى رأسها صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة.
وكشف تقرير حديث صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن الاستثمارات العربية في مصر شهدت قفزة تاريخية خلال العام المالي 2023/2024، إذ تضاعفت أكثر من خمس مرات لتصل إلى 41.5 مليار دولار، مقابل 7.3 مليار في العام المالي السابق، مدفوعة بشكل رئيسي بصفقة رأس الحكمة التي وقّعتها مصر مع شركة أبوظبي التنموية القابضة في فبراير 2024 بقيمة 35 مليار دولار.
كما أشار التقرير إلى ارتفاع الصادرات المصرية إلى الدول العربية بنسبة 18% لتسجل 16.2 مليار دولار، مقابل 13.6 مليار دولار في 2023. وتصدرت السعودية قائمة الدول العربية المستوردة من مصر بقيمة 2.7 مليار دولار، تلتها الإمارات بـ2.2 مليار، ثم ليبيا بـ1.8 مليار، والسودان بـ984.4 مليون دولار، فالجزائر بـ850.3 مليون دولار.
أما من حيث الواردات، فجاءت السعودية أيضاً في الصدارة بـ5.2 مليار دولار، تلتها الكويت بـ2.7 مليار، ثم الإمارات بـ2.1 مليار، ما يعكس تعزيز الشراكات الاقتصادية مدعوماً باتفاقيات التجارة الحرة، لاسيما منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA).
وتُعد صفقة رأس الحكمة أبرز ملامح التحول في مناخ الاستثمار في مصر، إلى جانب استثمارات إضافية من دول مثل السعودية، الكويت وقطر، ما ساهم في رفع احتياطي النقد الأجنبي إلى 32.1 مليار دولار بنهاية أبريل 2024، ودعم الثقة في الاقتصاد المصري.
ويرتبط هذا الأداء الإيجابي بجملة إصلاحات اقتصادية طبّقتها مصر منذ 2016 بدعم من صندوق النقد الدولي، والتي شملت تعويم الجنيه، خفض الدعم، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، فضلاً عن توحيد سعر الصرف في مارس 2024 وتوسيع برنامج الطروحات الحكومية، ما ساهم في تحسين بيئة الأعمال.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال مصر تواجه تحديات مثل استمرار التضخم وتراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 57% في الربع الأول من 2024 بسبب التوترات في البحر الأحمر، وهو ما يستدعي تعزيز التنويع الاقتصادي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
تُشكل الدول العربية شريكاً رئيسياً لمصر، حيث تستحوذ على نحو 30% من إجمالي تجارتها الخارجية، وتتيح اتفاقيات التجارة الحرة فرصاً إضافية لتعزيز تصدير المنتجات الزراعية والصناعية، في وقت تظل فيه السعودية والإمارات من أكبر الأسواق للصادرات المصرية، وأبرز الموردين للوقود والبتروكيماويات والآلات.