ضربات في إيران

بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، يتصدر المشهد تساؤل محوري: من كسب ومن خسر في هذه الجولة من الصراع؟ فالحرب التي هزت المنطقة خلال الأيام الماضية لم تخلُ من خسائر فادحة للطرفين، وإن تباينت طبيعتها ودرجاتها.

خسائر إيران: ضربة عسكرية ومعنوية
تكبّدت إيران خسائر بشرية كبيرة، تمثلت في مقتل عدد من كبار القادة العسكريين، من بينهم رئيس الأركان وقائد الحرس الثوري الإيراني في اليوم الأول للهجمات الإسرائيلية. كما فقدت كبار علماءها النوويين الذين كان لهم دور محوري في تطوير برنامجها النووي.

وعلى الصعيد الميداني، تعرضت منشآت نووية حساسة لأضرار جسيمة، أبرزها منشأة فوردو، التي استهدفتها ضربات أميركية مباشرة، وفق الرواية الإسرائيلية. هذه الضربات قد تكون دمّرت بعض المنشآت بالكامل أو عطّلتها جزئياً، ما يشكل نكسة كبيرة للبرنامج النووي الإيراني.

كما شهدت إيران دماراً واسعاً في البنية التحتية وخسائر اقتصادية متزايدة، في ظل عقوبات اقتصادية مشددة أساساً. وأسفرت الحرب عن مقتل وجرح المئات من العسكريين والمدنيين الإيرانيين، ما يعمق من آثار الحرب على الداخل الإيراني.

إسرائيل: تساؤلات عن الجاهزية رغم الإنجازات
رغم نجاحها في توجيه ضربات نوعية داخل الأراضي الإيرانية، إلا أن إسرائيل واجهت تحديات كبيرة على الجبهة الداخلية. فقد كشفت الحرب عن ثغرات في منظومة الدفاع الجوي، مع تساقط صواريخ إيرانية بكثافة غير مسبوقة، أدت إلى خسائر بشرية وأضرار مادية في عدة مدن.

كما تعرضت إسرائيل إلى خسائر اقتصادية ناتجة عن توقف الأنشطة وارتفاع التكاليف الأمنية، فضلاً عن تأثير الصراع على الرأي العام المحلي الذي يعيش حالة من القلق نتيجة الانكشاف الأمني في هذه الجولة من التصعيد.

الاتفاق: مكسب متوازن أم هدنة ضرورية؟
يرى محللون أن الاتفاق الذي أُبرم بوساطة دولية، ربما بدفع مباشر من إدارة ترامب، وفّر لجميع الأطراف مخرجاً استراتيجياً مناسباً:

الولايات المتحدة أظهرت تفوقها العسكري عبر الضربات الدقيقة للمنشآت النووية الإيرانية، ما عزز موقعها كقوة حاسمة في المنطقة.

إسرائيل خرجت بما تعتبره “إنجازاً نوعياً” عبر تحجيم التهديد الإيراني، كما منحت نفسها فرصة لإعادة ترتيب الصفوف في صراعها المتعدد الجبهات.

أما النظام الإيراني، فرغم تلقيه ضربة قاسية، إلا أن الاتفاق جاء كفرصة إنقاذ سياسية، بعدما باتت مؤسساته الأمنية والعسكرية عرضة للاختراق، وازدادت الضغوط الشعبية والاقتصادية عليه.

ارتياح دولي وحذر مستقبلي
لاقى الاتفاق ترحيباً دولياً واسعاً، خاصة في أوروبا التي حذّرت مراراً من تحول الحرب إلى نزاع إقليمي شامل قد يُفضي إلى ركود اقتصادي عالمي. وكان وزراء الخارجية الأوروبيون في بروكسل قد دعوا إلى العودة للدبلوماسية بعد الضربات الأميركية على إيران.

وبينما يرى البعض أن الاتفاق أوقف الانحدار نحو حرب كبرى، يؤكد آخرون أنه مجرد هدنة مؤقتة، قد لا تصمد طويلاً إذا لم تُعالج الأسباب الجوهرية للتصعيد.

البحث