تركز الرعاية الطبية لمرضى السكري في العادة على القلب والقدمين والعينين والكبد والكلى، فيما يُهمل الفم غالبًا رغم ما يعانيه كثير من المرضى من ألم في اللثة، وجفاف في الفم، وصعوبة في المضغ. وتشير دراسات طبية إلى أن ضبط مستوى سكر الدم مع العناية الجيدة بصحة الفم يلعبان دورًا حاسمًا في تحسين جودة الحياة والوقاية من مضاعفات خطيرة.
ويؤدي داء السكري إلى ارتفاع مزمن في مستويات السكر بالدم، ما يضر بالأوعية الدموية والأعصاب ويبطئ التئام الجروح ويضعف قدرة الجسم على مكافحة العدوى، وهو ما يجعل أنسجة الفم الرخوة والصلبة، إضافة إلى البكتيريا الطبيعية الموجودة فيه، أكثر عرضة للمشكلات الصحية.
وتشمل أبرز المضاعفات الفموية المرتبطة بالسكري: جفاف الفم وانخفاض إفراز اللعاب، زيادة تسوس الأسنان، أمراض اللثة بما في ذلك الالتهاب وفقدان العظام حول الأسنان، التهابات الفم مثل القلاع وقرح الفم، صعوبة ارتداء أطقم الأسنان وتغيّر حاسة التذوق، وصولًا إلى فقدان الأسنان في المراحل المتقدمة. وتنعكس هذه المشكلات سلبًا على التغذية والثقة بالنفس، بل وعلى القدرة على ضبط مستوى السكر في الدم. كما تُظهر أبحاث حديثة ارتباطًا قويًا بين داء السكري من النوع الثاني وتسوس الأسنان الشديد نتيجة ارتفاع سكر الدم وتغيّر كمية ونوعية اللعاب.
ويُعد مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بأمراض اللثة؛ إذ يرفع ارتفاع سكر الدم نسبة السكر في اللعاب، ما يغذي البكتيريا التي تنتج أحماضًا تهيّج اللثة وتضر بالعظام الداعمة للأسنان، وقد ينتهي الأمر بتخلخل الأسنان أو فقدانها. ويسهم الحفاظ على سكر الدم ضمن الحدود الصحية إلى جانب العناية اليومية بالفم في تقليل هذا الخطر بشكل كبير.
كما يزداد خطر جفاف الفم لدى مرضى السكري، وهو ما يعاني منه نحو 20% من عامة الناس مع ارتفاع النسبة لدى النساء وكبار السن، ويمكن أن تتفاقم الحالة بفعل بعض الأدوية مثل أدوية ضغط الدم ومضادات الاكتئاب ومسكنات الأعصاب. ويقوم اللعاب بدور أساسي في تنظيف الفم من بقايا الطعام، وموازنة الأحماض، ومنع العدوى، وعند نقصه يصبح الفم أكثر حمضية وتفقد الأسنان معادنها، ما يرفع احتمالات التسوس. ويمكن لأطباء الأسنان وضع خطط وقائية فردية تتضمن معاجين وغسولات فلورايد أو طلاء الأسنان به للوقاية.
وتكتسب مشكلة جفاف الفم أهمية خاصة لدى مرتدي أطقم الأسنان، إذ يساعد اللعاب على تثبيت الأطقم وتقليل التهيّج والالتهاب، بينما يؤدي الجفاف إلى احتكاك مؤلم وقرح فموية والتهابات مثل القلاع. لذلك يُنصح بتنظيف الأطقم بشكل يومي، وإزالتها ليلًا، وتنظيف اللثة واللسان واستخدام محاليل مخصصة مع الالتزام بالفحوصات الدورية.
أما في ما يخص زراعة الأسنان، فتُعد خيارًا مهمًا لتعويض الأسنان المفقودة لدى مرضى السكري، لكن يشترط قبل الإقدام عليها ضبط المرض جيدًا، لأن ارتفاع سكر الدم يبطئ التئام الجروح، ويزيد فرص العدوى، ويُعقد عملية التحام الزرعة بالعظم. وتعد اللثة السليمة والعظام المستقرة ونظافة الفم الجيدة عوامل أساسية لنجاح الزراعة على المدى الطويل.
التقرير من إعداد أيلين بايسان، أستاذة طب الأسنان المتعلق بجراحة الأسنان طفيفة التوغل في جامعة كوين ماري بلندن.