تعبيرية عن التطعيم

كشفت دراسة حديثة أن القضاء على سرطان عنق الرحم لا يمكن أن يتحقق من خلال تطعيم الفتيات وحدهن ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، بل يتطلب توسيع برامج التطعيم لتشمل الفتيان أيضًا، باعتبارهم جزءًا أساسيًا من سلسلة انتقال العدوى.

ويُعد فيروس الورم الحليمي البشري أكثر الأمراض المنقولة جنسيًا انتشارًا على مستوى العالم. وعلى الرغم من أن العدوى به تكون في معظم الحالات بلا أعراض وتختفي تلقائيًا خلال عامين لدى نحو 90% من المصابين، فإن استمرارها لدى البعض قد يؤدي إلى الإصابة بأنواع عدة من السرطان، أبرزها سرطان عنق الرحم.

ويُصنَّف سرطان عنق الرحم المرتبط بالفيروس رابع أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء عالميًا، إذ تُسجَّل سنويًا قرابة 660 ألف إصابة جديدة ونحو 350 ألف حالة وفاة.

وتتوفر لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري في 147 دولة حول العالم، وقد أثبتت فعاليتها في خفض معدلات العدوى وتقليل خطر الإصابة بالسرطان، كما توصي بها الهيئات الصحية الدولية على نطاق واسع. إلا أن تركيز معظم برامج التطعيم على الفتيات فقط يطرح تساؤلات جدية حول قدرتها على القضاء الكامل على المرض.

وفي هذا السياق، طوّر باحثون نموذجًا رياضيًا جديدًا لمساعدة صناع القرار في الصحة العامة على تصميم استراتيجيات تطعيم أكثر فاعلية. وجرى استخدام هذا النموذج لتقييم برنامج التطعيم الوطني في كوريا الجنوبية ومدى قدرته على السيطرة على سرطان عنق الرحم.

واعتمد الباحثون على بيانات ديموغرافية وإحصاءات متعلقة بسرطان عنق الرحم في كوريا الجنوبية بين عامي 1999 و2020، للتنبؤ بأنماط انتقال فيروس الورم الحليمي البشري بين السكان. وأظهرت النتائج أن السياسات الحالية، رغم مساهمتها في خفض معدلات الإصابة، لا تكفي للقضاء التام على الفيروس أو السرطانات المرتبطة به.

ويغطي البرنامج الكوري، الذي أُطلق عام 2016، نحو 80% من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12 و17 عامًا، إضافة إلى تقديم جرعات تكميلية سنوية لنحو 30 ألف امرأة بين 18 و26 عامًا. غير أن الدراسة خلصت إلى أن إدراج الأولاد ضمن برامج التطعيم، إلى جانب الاستمرار في تطعيم الفتيات، قد يكون العامل الحاسم لتحقيق الاستئصال الكامل للمرض.

وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة، سويونغ بارك من جامعة ميريلاند، إن سرطان عنق الرحم يُعد من السرطانات القليلة التي يمكن الوقاية منها بفعالية عبر اللقاحات، مشددة على ضرورة إعادة تقييم مدى كفاية البرامج الحكومية المعتمدة حاليًا. بدوره، أوضح آبا غوميل، أحد معدي الدراسة، أن السياسات الحالية تقلل عدد الحالات لكنها لا تؤدي إلى القضاء النهائي على المرض، مؤكدًا أن الهدف الأساسي هو الاستئصال الكامل.

وقدّر الباحثون أن القضاء التام على سرطان عنق الرحم يتطلب وصول نسبة تطعيم النساء إلى 99%، إلا أن تطعيم الأولاد من شأنه تقليل الحاجة إلى بلوغ هذه النسبة المرتفعة. وتقترح الدراسة تطعيم 65% من الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا، مع الإبقاء على نسبة تطعيم الفتيات عند 80%.

وبحسب التقديرات، فإن اعتماد هذه الاستراتيجية قد يؤدي إلى القضاء على السرطانات المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري في كوريا الجنوبية خلال فترة تتراوح بين 60 و70 عامًا.

نُشرت نتائج الدراسة في مجلة «نشرة البيولوجيا الرياضية».
المصدر: إندبندنت

البحث