قال أبقراط قبل أكثر من 2400 عام: “اجعل غذاءك دواءك”. لكن في عصر الخوارزميات والذكاء الاصطناعي، يبدو أن علم التغذية بات يعاني من فوضى توصيات غذائية متناقضة، وصفها الطبيب الأميركي الشهير إريك توبول بأنها “أقرب إلى التخمين”.
من فوضى الحميات إلى طب التغذية الرقمي
يؤكد توبول، مدير معهد سكريبس للأبحاث في كاليفورنيا، أن الحلّ ليس في مزيد من الدراسات العامة، بل في “تغذية مخصّصة للفرد”، تربط بين الجينات، ونمط الحياة، والتاريخ الطبي، عبر خوارزميات ذكية.
وفي مقابلة له خلال يونيو الماضي، دعا إلى تبنّي مفهوم جديد يُعرف بـ”طب التغذية الرقمي”، حيث يتم تصميم نظام غذائي فريد لكل شخص، استنادًا إلى بياناته الحيوية الحيّة.
هشاشة الأدلة وسقوط الأساطير الغذائية
العديد من النصائح الغذائية المتداولة تعتمد على دراسات رصدية، لا تثبت علاقة سببية. فمثلاً، ما يُصنّف اليوم غذاءً ضارًا، قد يُعاد تأهيله بعد سنوات.
الدهون، البيض، وحتى الكحول، كلها تعرّضت لإعادة تقييم. في الستينيات، تسببت دراسة أنسل كيز الخاطئة حول “الدهون المشبعة” في حظر الزبدة لعقود، واستبدالها بدهون متحولة مسرطِنة.
ثلاث دراسات حديثة تهزّ المفاهيم السائدة
في الشهر الجاري، أثارت ثلاث دراسات جدلاً واسعًا:
- الملح: دراسة حديثة أشارت إلى أن الصوديوم قد يقلّل خطر الوفاة لدى مرضى الكلى، خلافًا للتوصيات السائدة.
- الصويا والأطفال: كشفت دراسة أن تغذية الأطفال بالصويا قد ترتبط بتكوّن الحصى.
- الكحول: أعلنت مسودّة التوصيات الأميركية لعام 2025 عن حذف “كأس النبيذ اليومي”، منهيةً عقودًا من الترويج لفوائده المحتملة.
نحن أمام تحوّل جوهري: من نصائح غذائية عامة إلى أنظمة مخصصة تُصمَّم لك وحدك.
وفي زمن تتبدّل فيه “الحقائق الغذائية” من موسم إلى آخر، قد يكون الذكاء الاصطناعي هو أول خبير تغذية جدير بالثقة.
القاعدة الذهبية: لا تقصِ طعامًا بلا دليل، ولا تتبع حمية لأنها شائعة.