في تصعيد يُنذر بإعادة إشعال فتيل الحرب التجارية بين ضفتي الأطلسي، بدأ الاتحاد الأوروبي بالتحضير لتوجيه ردّ انتقامي صارم ضد الولايات المتحدة، بعدما تلقّى مؤشرات واضحة على نية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على معظم السلع الأوروبية قد تتجاوز 15%.
وبحسب مسؤولين أوروبيين، فقد أبلغت واشنطن مفوضة التجارة الأوروبية بهذه التوجهات خلال محادثات رفيعة المستوى أُجريت الأسبوع الماضي. وكانت بروكسل تستعد لإبرام اتفاق تجاري يُبقي الرسوم الأساسية عند 10% فقط، وهي نسبة اعتُبرت تنازلاً صعباً من جانب بعض العواصم الأوروبية.
غير أن هذه التنازلات لم ترضِ الولايات المتحدة، ما دفع ألمانيا إلى تغيير موقفها الحذر والاقتراب من الموقف الفرنسي الأكثر تشدداً. وقال مسؤول ألماني رفيع يوم الجمعة: “كل الخيارات مطروحة على الطاولة… إذا أرادوا حربًا فستكون لهم حرب”.
وتشير تقارير دبلوماسية إلى أن الاتحاد الأوروبي يُعد الآن حزمة واسعة من الإجراءات الانتقامية قد تشمل استهداف شركات أميركية كبرى، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل الأول من آب، وهو الموعد النهائي المحدد.
هذا التحول يُمثّل منعطفاً خطيراً في المفاوضات الجارية، التي تسعى لإنقاذ أكبر علاقة تجارية في العالم، إذ تصل قيمة السلع والخدمات المتبادلة بين الطرفين إلى أكثر من 5 مليارات دولار يومياً.
وقد أعلنت المفوضية الأوروبية، يوم الأحد، أنها لا تزال ملتزمة بمفاوضات عادلة ذات منفعة متبادلة، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن جميع الخيارات تبقى مطروحة إذا فشلت المفاوضات.
من جانبه، عبّر وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، في تصريح لـ”سي بي إس” يوم الأحد، عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق وشيك، مؤكداً أن “الرئيس ترامب يدعم هذه الصفقة بقوة”.
وفي الشهور الأخيرة، زار مفوض الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش واشنطن ست مرات، وأبدى استعداد بروكسل لخفض الرسوم وشراء منتجات طاقة وأشباه موصلات أميركية بمليارات الدولارات.
لكن في وقت سابق من هذا الشهر، صعّد ترامب التهديد بفرض رسوم تصل إلى 30% على الواردات الأوروبية، بعد أن كان قد طرح نسبة 20% في نيسان.
وتأتي هذه الأزمة في ظل ظروف اقتصادية عالمية دقيقة، تشمل تباطؤاً اقتصادياً وتقلبات في أسواق الطاقة، مما يُفاقم من خطورة المواجهة بين الطرفين.
ومع اقتراب أغسطس، تزداد الخيارات تضاؤلاً: فإما اتفاق يُنقذ الشراكة التاريخية، أو تصعيد مفتوح يضع العلاقات الاقتصادية الأطلسية على المحك.