فلسطينيون يحملون مساعدات غذائية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة

تُواجه أسواق قطاع غزة موجة تضخّم غير مسبوقة، مع ارتفاع جنوني لأسعار السلع الأساسية، جعلها خارج متناول الغالبية الساحقة من السكان، في وقت بات فيه تأمين لقمة العيش معركة يومية تتجاوز صدى القنابل إلى صرخات الجياع، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

فمنذ أن أعادت إسرائيل في مايو (أيار) الماضي تنظيم آلية توزيع المساعدات، بذريعة منع تسربها إلى حركة «حماس»، تحوّلت مراكز الإغاثة إلى «مصائد موت»، بحسب وصف شهود عيان، مع تكرار حوادث القتل والطعن بين حشود يائسة، ما دفع كثيرين إلى التخلي عن محاولة الوصول إليها.

وفي الأسواق المحلية، حيث تمتزج السلع المزروعة محلياً بمواد الإغاثة، وصلت الأسعار إلى مستويات غير معقولة: فقد قفز سعر السكر إلى 106 دولارات للكيلوغرام (مقابل 89 سنتاً قبل الحرب)، والدقيق إلى 12 دولاراً (بعد أن كان 42 سنتاً)، أما الطماطم فبلغ سعر الكيلو 30 دولاراً.

ووصف عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، الأسعار بأنها «أفقدت السلع معناها»، فيما أشار محمد فارس، شاب من غزة فقد منزله و23 كيلوغراماً من وزنه، إلى أنه لم يعد مستعداً للمخاطرة بحياته من أجل الحصول على كيس طحين.

بيانات غرفة تجارة غزة أظهرت تقلبات دراماتيكية: فكيس الدقيق (25 كيلوغراماً) بيع في 20 يوليو بـ891 دولاراً، ثم انخفض إلى 223 دولاراً، قبل أن يعاود الصعود إلى 334 دولاراً خلال أسبوع.

وقال عياد أبو رمضان، رئيس غرفة تجارة غزة: «نواجه حرباً مزدوجة، بالقنابل وبالأسعار». ولفت إلى أن الحصار المشدد بين مارس ومايو أعاد أسعار الغذاء والدواء إلى مستويات مرعبة، رغم انخفاض مؤقت في فترة الهدنة.

ولم تسلم السلع غير الغذائية من نيران التضخم. فقد وصل سعر قطعة الصابون إلى 10 دولارات، وعلبة الحفاضات إلى 149 دولاراً، وعبوة حليب الأطفال (400 غرام) إلى 51 دولاراً. أما لتر الديزل فبلغ 36 دولاراً (مقارنة بـ1.87 قبل الحرب).

يُضاف إلى ذلك معضلة شحّ النقد، بعد تدمير البنوك وتوقف أجهزة الصراف الآلي، ما حوّل العملة المحلية إلى سلعة تُشترى في السوق السوداء بعمولات تصل إلى 50 في المائة.

«المعاناة أصبحت جزءاً من كل تفاصيل الحياة… معاناة فوق معاناة»، يختم محمد فارس شهادته.

البحث