ارتبط اسم «أبل» على الدوام بمنتجات أحدثت تحولات كبرى في عالم التكنولوجيا، من «آيفون» الذي خطف الأنظار عند إطلاقه في يناير 2007، إلى «آيبود» الذي بيع منه مئات الملايين قبل إيقاف إنتاجه نهائيًا في عام 2022.
غير أن هذا المسار الحافل بالنجاحات لم يكن خاليًا من العثرات، إذ لم تنجح جميع أجهزة الشركة في كسب ثقة المستخدمين، حتى أولئك المعروفين بولائهم الكبير لعلامة «أبل».
إخفاقات بارزة في مسيرة «أبل»
يُعد جهاز Newton، المساعد الرقمي الشخصي الذي أطلقته الشركة في تسعينيات القرن الماضي، أحد أبرز الأمثلة على ذلك. فعلى الرغم من كونه فكرة متقدمة على زمنها، فإن ضعف تقنية التعرف على الكتابة اليدوية وارتفاع سعر الجهاز ساهما في فشله، ما دفع ستيف جوبز لاحقًا إلى إيقافه.
ومع ذلك، لم يذهب Newton سدى، إذ ترك بصمة تقنية مهمة، وساهم في تطوير معالجات «ARM» التي تُعد اليوم أساس شرائح A وM الحديثة، كما مهد الطريق لواجهات التطبيقات وأنماط التفاعل اللمسي، وفق تقرير لموقع «phonearena» اطّلعت عليه «العربية Business».
نجاحات ما بعد آيفون… واستثناء واضح
بعد النجاح الكاسح لـ«آيفون»، واصلت «أبل» حصد الإنجازات مع أجهزة مثل «آيباد» وApple Watch وAirPods وAirTag. إلا أن مكبر الصوت الذكي HomePod لم يتمكن من تكرار هذا النجاح، رغم دخوله سوقًا كانت تشهد نموًا متسارعًا بقيادة «أمازون إيكو» ومساعده الصوتي «إليكسا».
أُطلق HomePod في فبراير 2018 بسعر مرتفع نسبيًا بلغ 349 دولارًا، ثم خُفض لاحقًا إلى 299 دولارًا، في حين كانت أسعار المنافسين تتراوح بين 50 و100 دولار فقط. ورغم جودة الصوت العالية، فإن اعتماد الجهاز على «سيري»، الذي لم ينجح في منافسة «إليكسا» أو Google Assistant، حدّ من جاذبيته لدى المستخدمين.
وبحلول سبتمبر من العام نفسه، لم تتجاوز حصة HomePod السوقية 6%، بينما لم يشترِه سوى 2% من مالكي أجهزة «أبل»، ما دفع الشركة في النهاية إلى إيقافه.
تحسن محدود مع الإصدار الأصغر
في نوفمبر 2020، حاولت «أبل» تصحيح المسار بإطلاق HomePod mini بحجم أصغر وسعر أقل بلغ 99 دولارًا. ورغم تحقيقه أداءً تجاريًا أفضل من الإصدار الأصلي، فإنه لم يُحدث تحولًا جذريًا في المشهد.
وتشير بيانات شركة Consumers Intelligence Research Partners (CIRP) إلى أن مستخدمي «أبل» ما زالوا يفضلون مكبرات الصوت الذكية المنافسة. فبين سبتمبر 2024 وسبتمبر 2025، تصدّر «أمازون إيكو» قائمة أكثر الأجهزة انتشارًا بين عملاء «أبل» في الولايات المتحدة بنسبة 35%، يليه Google Nest، بينما جاء HomePod في المرتبة الثالثة بحصة تقارب 10% فقط.
القيمة قبل الولاء
ويرى محللون أن السعر يبقى عاملًا حاسمًا في قرار الشراء، إذ يُباع HomePod mini بسعر يقارب ضعف سعر Echo Dot وGoogle Nest mini، رغم تشابه الوظائف الأساسية. ويبدو أن مستخدمي «أبل»، خلافًا للصورة النمطية عن ولائهم المطلق، يتصرفون هنا كمستهلكين يبحثون عن أفضل قيمة مقابل السعر.
وهكذا، يظل HomePod مثالًا نادرًا على منتج من «أبل» لم يتمكن من كسب ثقة جمهور الشركة نفسه، في سوق شديدة التنافس لا يكفي فيها اسم العلامة التجارية وحده لضمان النجاح.