الخفافيش

في اكتشاف علمي مثير، توصل فريق دولي من علماء الوراثة من ألمانيا وإسبانيا إلى أن الخفافيش لم تطوّر أجنحتها عبر خلق جينات جديدة، بل من خلال تعديل توقيت تفعيل الجينات الموجودة أصلاً في الثدييات الأخرى، في ما يُعرف بـ”الاقتصاد التطوري”.

واعتمد الباحثون، باستخدام تقنيات حديثة لتحليل تسلسل الحمض النووي الريبوزي، على مقارنة تطوّر الأطراف في أجنة الفئران العادية والخفافيش. وكشفت النتائج أن خلايا جناح الخفاش تكاد تتطابق مع خلايا كف الفأر، لكن الفرق الجوهري يكمن في توقيت تفعيل الجينات خلال مراحل النمو المختلفة.

وأوضح الباحث ستيفان موندلوس، من معهد علم الوراثة الجزيئي التابع لجمعية ماكس بلانك، أن اختيار الخفافيش جاء بسبب كونها نموذجًا مثاليًا لفهم كيفية نشوء التكيّف الظاهري في الكائنات الحية، حيث يُعد جناحها مثالًا فريدًا على التحوّل الوظيفي للأطراف.

وتمكن العلماء من تحديد كيفية نشوء الغشاء الجناحي المميز للخفافيش (Chiropatagium) من نفس الخلايا التي تُكوِّن قاعدة الأطراف في ثدييات أخرى. لكن في الخفافيش، يُفعّل البرنامج الجيني المرتبط بنمو القدم مرتين: مرة خلال المراحل المبكرة، وأخرى عند نمو أطراف الأصابع، ما يُنتج الشكل الممدود للجناح.

وتُشير الدراسة إلى أن هذا النمط من إعادة استخدام البرامج الجينية وفق جدول زمني مختلف قد يفسر أيضًا تطوّر زعانف الدلافين، وأقدام الخيول، وأطراف حيوانات أخرى متخصصة.

تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة لفهم التطور من منظور زمني وجيني، وتدعم النظرية القائلة بأن التنوع البيولوجي في الطبيعة قد يكون نتيجة لتغييرات بسيطة في “متى” وليس فقط “كيف” تعمل الجينات.

البحث