أظهر تحليل دولي أن الأشخاص المصابين بمقدمات السكري، والذين يتمكنون من إعادة مستويات السكر في دمهم إلى المعدل الطبيعي من خلال تغييرات في نمط حياتهم، ينخفض لديهم خطر الإصابة بالنوبات القلبية، وفشل القلب، والوفاة المبكرة بنسبة تصل إلى النصف.
ووفق الباحثين، المنشور في مجلة لانسيت للسكري والغدد الصماء يوم الجمعة، قد تُحدث هذه النتائج ثورة في مجال الوقاية، وتُرسّخ هدفًا جديدًا وقابلاً للقياس ضمن الإرشادات السريرية.
شارك في الدراسة باحثون من جامعة توبنغن، ومعهد هيلمهولتز ميونيخ، والمركز الألماني لبحوث السكري DZD، بالإضافة إلى فرق بحثية من الولايات المتحدة، والصين، وبريطانيا.
ويعيش ملايين الأشخاص حول العالم بمستويات مرتفعة من السكر في الدم دون علمهم، وهي مرحلة تُعرف باسم مقدمات السكري، حيث يكون مستوى الغلوكوز أعلى من الطبيعي لكنه لا يصل إلى حد تشخيص داء السكري من النوع الثاني. ورغم أن هذه الحالة غالبًا ما تتطور إلى مرض السكري، فإنها تزيد أيضًا من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، أحد الأسباب الرئيسية للوفاة عالميًا.
عادةً يُنصح المصابون بمقدمات السكري بتخفيف الوزن، وزيادة النشاط البدني، واتباع نظام غذائي صحي، لما لذلك من أثر إيجابي على الصحة العامة وتقليل عوامل الخطر. لكن كان السؤال المهم: هل تساعد هذه التغييرات على حماية القلب على المدى الطويل؟
يقدم التحليل الجديد إجابة واضحة: العامل الحاسم هو قدرة الشخص على إعادة مستوى السكر في الدم إلى المعدل الطبيعي، أي التعافي من مقدمات السكري، وليس مجرد تغيير نمط الحياة بحد ذاته.
وأظهرت النتائج أن خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى المشاركين انخفض بنحو 50%، كما انخفض معدل الوفيات الإجمالي بشكل ملحوظ.
وقال البروفسور أندرياس بيركنفيلد، الباحث الرئيسي والمحاضر في مرض السكري بكلية كينغز لندن ومستشفى جامعة توبنغن:
“تعني نتائج الدراسة أن التعافي من مقدمات السكري قد يصبح، إلى جانب خفض ضغط الدم، وتقليل الكوليسترول، والإقلاع عن التدخين، أداة وقائية رابعة رئيسية تُسهم فعليًا في الوقاية من النوبات القلبية والوفيات”.
وتركز بيانات طويلة الأمد لأكثر من 2400 شخص على أن من نجحوا في ضبط مستوى السكر في الدم لديهم خطر أقل بكثير للوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو دخول المستشفى بسبب فشل القلب، مقارنةً بمن بقيت مستويات السكر لديهم مرتفعة، حتى مع فقدان المجموعتين وزناً مشابهًا.
وأضاف بيركنفيلد:
“تشير نتائجنا إلى أن شفاء مرضى ما قبل السكري لا يؤخر أو يمنع ظهور داء السكري من النوع الثاني فحسب، بل يحمي أيضًا الأشخاص من أمراض القلب والأوعية الدموية الخطيرة على المدى الطويل”.