مومياوات بيرو الغامضة

كشفت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي في بيرو عن نتائج مثيرة للجدل بشأن المومياوات الغامضة التي تم العثور عليها في صحراء نازكا، والتي أثارت اهتماماً عالمياً منذ الكشف عنها لأول مرة في عام 2017.

وبحسب البيان الصادر عن الفريق بقيادة الدكتور خوسيه زالس، الطبيب السابق المتخصص في الطب البحري في المكسيك، فإن التحاليل المخبرية والتصوير المقطعي كشفت عن وجود هياكل عظمية وأعضاء داخلية محفوظة بشكل جيد في عينتين من هذه المومياوات، المعروفتين باسم “ماريا” و”مونتسيرات”. كما أظهرت النتائج دلائل على تعرضهما لإصابات عنيفة أدت إلى وفاتهما قبل أكثر من 1200 عام.

وتعيد هذه النتائج الجدل إلى الواجهة، خاصة بعدما أعلن الصحفي المكسيكي خايمي موسان في 2017 عن اكتشاف مومياوات تحمل سمات غير معتادة، مثل جماجم ممدودة وأطراف بثلاثة أصابع. ورغم أن فريق الدكتور زالس يعتبر هذه النتائج دليلاً على أصالة المومياوات، يصر علماء مستقلون على أنها مجرد نماذج مركبة من عظام حيوانية.

ووفقاً للتحليل الجديد، تتميز “ماريا” و”مونتسيرات” بخصائص جسدية غير مألوفة، مثل الأطراف ذات الثلاثة أصابع والجماجم الممدودة، فضلاً عن أعضاء داخلية مشابهة للبشر، من بينها القلب والكبد والأمعاء.

وكشفت الدراسة أن “ماريا”، التي يُقدر عمرها بين 35 و45 عاماً، توفيت متأثرة بجروح عميقة في الحوض، وكسور في عظم الذيل، إضافة إلى علامات على تعرضها للعض أو الكدمات. أما “مونتسيرات”، التي تراوح عمرها بين 16 و25 عاماً، فقد لقيت مصرعها نتيجة طعنة بين الضلعين الخامس والسادس، مع كسور في الأضلاع ولوح الكتف.

وفي تصريح لصحيفة ديلي ميل البريطانية، قال الدكتور زالس: “لدينا أدلة دامغة لا يمكن إنكارها، تُظهر أن هذه الجثث عضوية، حقيقية، وكانت ذات يوم كائنات حية”. وأضاف أنه قام بتحليل 21 مومياء أخرى مماثلة، مشيراً إلى تفاصيل دقيقة مثل بصمات الأصابع، وبنية الأسنان، والأعضاء الداخلية.

ومع ذلك، لم يتم إخضاع الدراسة لمراجعة علمية مستقلة، وهو ما يفتح الباب أمام استمرار الجدل. فبينما يؤكد فريق زالس أن هذه الكائنات تحمل سمات بيولوجية لا يمكن تزييفها، يرى مختصون آخرون، كعالم الآثار الشرعي فلافيو إسترادا، أن العينات ما هي إلا دمى مركبة من عظام حيوانات ومواد حديثة، ولا علاقة لها بمومياوات قديمة أو كائنات غير بشرية.

يُذكر أن الجدل بشأن هذه المومياوات تفجر مجدداً في عام 2023 عندما تم عرض بعضها في البرلمان المكسيكي، وقدم موسان حينها مزاعم جديدة مدعومة بتقارير أطباء، في حين ظهرت تحليلات أخرى تشكك في مصداقية هذه الادعاءات.

ويبقى الغموض قائماً حول هوية هذه المومياوات، خاصة في ظل غياب تحقق علمي مستقل، ما يجعل مسألة تأكيد حقيقتها أو نفيها غير محسومة حتى الآن.

البحث