كشفت دراسة روسية حديثة أجراها باحثون من جامعة نوفغورود عن وجود ارتباط وثيق بين تليف الكبد واضطرابات القلب، مؤكدة أن المرض الكبدي لا يقتصر تأثيره على الكبد وحده، بل يمتد ليشمل عضلة القلب ووظائفها الحيوية.
وأظهرت الدراسة أن تليف الكبد يؤدي إلى انخفاض قدرة عضلة القلب على الانقباض تحت الضغط، ما يسبب تغيّرات بنيوية ووظيفية في القلب، أبرزها زيادة سماكة البطين الأيسر، واضطرابات في الوظيفة الانبساطية والكهربائية، إضافة إلى تليّف عضلة القلب نتيجة استبدال الأنسجة العضلية بأنسجة ضامة. وتسهم هذه التغيرات بدورها في تفاقم حالة تليف الكبد وارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة به.
وأوضحت الدكتورة ناديجدا كوليك، الأستاذة المشاركة في الدراسة، أن العلاقة بين تليف الكبد وأمراض القلب أصبحت محط اهتمام علمي متزايد في السنوات الأخيرة، خصوصاً مع ارتفاع معدلات الإصابة بتليف الكبد عالمياً، ما يستدعي فهماً أعمق لتداعياته القلبية.
وشملت الدراسة 20 مريضاً تتراوح أعمارهم بين 40 و75 عاماً، تلقوا العلاج في قسم أمراض الجهاز الهضمي بالمستشفى السريري المركزي في مدينة نوفغورود الكبرى. وقُسّم المرضى وفق شدة التليف إلى ثلاث فئات: خمس حالات خفيفة (A)، وخمس متوسطة (B)، وعشر حالات شديدة (C).
وأظهرت النتائج أن المرضى في الفئة C عانوا من مضاعفات أكثر خطورة، شملت اعتلال الدماغ الكبدي، وارتفاع ضغط الدم البابي المزمن، والاستسقاء، ودوالي المريء، في حين اقتصرت المضاعفات لدى الفئات الأخف على ارتفاع ضغط الدم البابي واليرقان الكبدي.
كما بيّن التحليل تضخم البطين الأيسر لدى 80% من مرضى الفئتين B وC، مقابل 40% فقط في الفئة A. وأظهرت تحاليل الدم مؤشرات على شدة المرض الكبدي، من بينها فقر الدم، وقلة الصفائح الدموية، وارتفاع البيليروبين، وانخفاض بروتينات الدم، وارتفاع إنزيمات الكبد، إضافة إلى إطالة زمن البروثرومبين.
وأكدت كوليك أن اختلال وظائف القلب يتطور تدريجياً مع تزايد شدة تليف الكبد، مشيرة إلى أن تخطيط كهربية القلب نادراً ما يكون طبيعياً إلا في المراحل المبكرة من المرض. وأضافت أن مرضى تليف الكبد قد يعانون من اضطرابات قلبية حتى مع بقاء ضغط الدم ومؤشرات التحاليل ضمن الحدود الطبيعية، ما يجعل المراقبة القلبية المنتظمة أمراً ضرورياً، خاصة لدى مرضى الفئتين B وC.