balenciaga

في لحظة وداع غير مألوفة، غادر المصمم الجورجي ديمنا دار بالنسياغا، مختتمًا فترته الأخيرة بعرض أقرب إلى همسٍ أنيق من صخبٍ صادم. بعد سنوات من الابتكار المتمرّد والعروض المثيرة للجدل، جاء الوداع بصمت مهيب، خالٍ من الاستعراض، لكنه غني بالنضج، والدقة، والحرفية الرفيعة.

وداع لا يُشبه بداياته
على عكس بداياته الصاخبة، اختار ديمنا أن يختم رحلته بلحظات شخصية وعاطفية. في الخلفية، ترددت أسماء أصدقائه بصوت هامس، ترافقها أنغام أغنية “No Ordinary Love” التي ارتبطت بذكريات طفولته – كأنها رسالة حب للموضة التي احتضنته في أكثر لحظاته خصوصية.

حرفية خفية وأناقة معمارية
القطع المقدّمة بدت بسيطة من بعيد، لكنها مشغولة بحرفية بالغة التعقيد: معاطف ترانش محددة الخصر، وبدلات ذات أكتاف منحنية، وفساتين بتطريز داخلي دقيق. العرض كان خاليًا من المبالغات المعتادة، لكنه حمل روح بالنسياغا بنسخة أكثر رُقيًّا وتوازنًا.

الجسد يمنح الثوب هويته
في مشهدٍ محوري، ظهرت سترة توكسيدو واحدة على أجساد مختلفة: لاعب كمال أجسام، عارضين نحفاء، وشريكه لوئيك غوميز. التجربة أوصلت رسالة واضحة: ليس الثوب من يصنع هوية الجسد، بل الجسد هو من يمنح الثوب معناه.

دراما بصوت خافت
لم تخلُ المنصة من لحظات مسرحية: كيم كارداشيان في معطف فرو ضخم، عارضة مستلهمة من عالم ديزني، وأخرى تستحضر “عائلة آدامز”. لكن كل هذه العناصر لم تكن صاخبة أو مبالغ فيها، بل امتزجت بتناغم، كأنها خلفية موسيقية لا تطغى على اللحن الأساسي.

ضيوف من الأرشيف الحي
جلس في الصفوف الأمامية وجوه لطالما شكّلت ذاكرة ديمنا البصرية: ليزا رينا في معطف باركا أزرق، كايتي بيري بفستان أسود صارم، وفريدريك روبرتسون في بدلة مستوحاة من تعاونه مع غوتشي. لم يكن حضورهم عرضيًا، بل بمثابة تكريم لصداقة إبداعية تمتد لسنوات.

ختام بصمت الواثق
لم يكن العرض مجرد نهاية لمسيرة ديمنا في بالنسياغا، بل بداية نضج واضح. غادر كما لا يفعل كثيرون في الموضة: بهدوء، دون الحاجة لإثبات جديد، كأنه يقول إن الجمال الصادق لا يحتاج ضجيجًا ليفرض حضوره. ورغم الوداع، فإن خطواته القادمة – وأبرزها تعاونه المرتقب مع غوتشي – تُعد بالكثير.

البحث